حرف واحد وغير المتخارجة، إذا كانت من حرفين أو حروف مختلفة، هذه الارتباطات أفكار مدركة لا أشياء ملموسة، ووسائل للتناول الدراسي للغة لا أجزاء من سلسلة الأصوات في المجموعة الكلامية.

ويمكن دراسة المادة اللغوية لا من هاتين الناحيتين فحسب، بل من نواح أخرى متعددة عن طريق مجموعة من الطرق المتساندة، والتكنيكات المترابطة، والأنظمة اللغوية كالنظام الأصواتي، والتشكيلي والصرفي والنحوي وهلم جرا، تخترع ولا تكتشف، والواقع أن الخليل وسيبويه لم يكتشفا النحو العربي، وإنما اخترعاه اخترعاه، ويريد بعض المحدثين، وقد لمس نواحي النقص في هذا الاختراع أن يحسن النظام المخترع، حتى يكون أداة أقدر على تفهيم النصوص العربية، وكل باحث في اللغة، يجب أن يكون قادرا على استعمال مقدرته الاختراعية، فكما اخترع النحاة جهاز النحو العربي، اخترع القراء الجهاز الأصواتي، الصالح لتقرير حقائق القراءات، واخترع الصرفيون الصيغ الصرفية المتنوعة من فاعل، ومنفعل ومستفعل، واخترع كل أولئك الأصول الثلاثة للكلمة، وجعلوها مادتها التي يدل عليها بها، وكل ذلك مجال مفتوح للبحث، والتنقيب يتطلب الوعي الدراسي الصحيح، ولم يقفل فيه باب الاجتهاد.

فاللغة إذا متعددة الأنظمة، فلها نظامها الأصواتي الموزع توزيعا لا يتعارض فيه صوت مع صوت، ولها نظامها التشكيلي، الذي لا يتعارض فيه موقع مع موقع.

ولها نظامها الصرفي الذي لا تتعارض فيه صيغة مع صيغة، ولها نظامها النحوي الذي لا يتعارض فيه باب مع باب، ولها بعد ذلك نظام للمقاطع، ونظام للنبر ونظام للتنغيم فهي "منظمة من النظم" على حد تعبير بعضهم، ويؤدي كل نظام منها، وظيفته بالتعاون مع النظم الأخرى.

وهمنا بعد ذلك أن نتكلم عن المناهج التي تقوم عليها دراسة هذه النظم، وتشرح بقدر الإمكان طريقة التناول في كل فرع من فروع الدراسات اللغوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015