بين الباب والباب أما في المعجم، فالأمر مختلف؛ لأن المعنى المعجمي قلما يتم بيانه على نمط سلبي، وإنما يشرح دائمًا بطريقة إيجابية.
ويعترف سويت1 ويسبرسن2: بالحد الفاصل بين الجراماطيقا والمعجم، حيث يدعيان أن الجرماطيقا تعالج الحقائق اللغوية العامة، على حين يتناول المعجم الحقائق الخاصة، فكلمة "Cat" تدل على الحيوان المعين، وهي لهذا حقيقة خاصة بهذا الحيوان، ولكن تكوين الجمع بإضافة "s" إلى هذه الكلمة حقيقة عامة في اللغة، ولا تخصها وحدها، وإنما تتناول جمهرة الكلمات الأخرى التي تعامل نفس المعاملة، فإذا خطرت ظاهرة جمع بغير هذه الإضافة، كما هي "Oxen"، فهناك ما يبرر أن يتم علاجها في المنهجين معًا، منهج الجراماطيقا ومنهج المعجم، وإلا ضل المطلع على أحد المنهجين دون الآخر، فاستعمل في الجمع كلمة Oxes قياسًا على غيرها.
والصيغ العددية التي تدرس في النحو، يجب أن تدخل في مجال المعجم أيضًا، بما فيها من مشتقات، كثالث ورابع، والأدوات كذلك تدرس على المنهجين كليهما، ولكل أداة مكان في المعجم، لا يقل عن مكان "كان"، و"ظل"، و"ظن"، وما يسمونه النواسخ في النحو، ولهذا جميعه يقول سويت، كما يقول بسبرسن: إن المعجم والجراماطيقا متداخلان.
والمعجم والجراماطيقا في الحقيقة متكاملان، بمعنى أنهما طريقتان لتناول المعنى من وجهتي نظر مختلفتين؛ فالمعجم قمة الجراماطيقا، وتاجها، وكثير مما نسميه "فسيولوجيا الأصوات"، يقع خارج نطاق اللغة، ولكن المرء حين يقارن كلمتي "راح" "ولاح"، يركز اهتمامه على القيمة الخلافية بين الكلمتين، وهي تتمثل في الفرق بين صوتي الراء واللام: فهذه دراسة للمعنى من وجهة النظر الأصواتية.
فجزء معنى "راح"، أنها ليست "لاح"، ولا "ناح"، ولا "فاح"، ولا "ساح" وهلم جرا، وهذا هو الجزء السلبي الخلافي من المعنى، فإذا استطعت