خذ مثلا صيغة "فَاعَلَ"، تجد لها معنى وظيفيا خاصا هو المورفيم، ويسميه الصرفيون المشاركة. أضف إلى ذلك أن هذه الصغية لا بد لها أن تكون صيغة فعلية، وهذا جزء آخر معناها الوظيفي، ثم زد عليه أنها بشكلها الحاضر تتخذ ميزانا صرفيا، لما أسند إلى الغائب من هذا الفعل الذي يدل على المشاركة، وهذا جزء ثالث من معناها الوظيفي أيضا، ثم هي بتحديدها الشكلي، وبناء وسطها

وآخرها على الفتح، مغايرة تمام المغايرة لصيغة اسم الفاعل، ولصيغة الأمر منها، وهذا جزء سلبي من المعنى، فأنت ترى أننا لم نتعرض للمعنى المعجمي العرفي الذي في قاتل، وجادل، وناضل، وحاسب، وما إلى ذلك من أمثلتها التي توجد معانيها المعجمية مفصلة في القاموس؛ فالمعنى الوظيفي نحوي صرفي، والمعنى المعجمي عرفي، واجتماعي إلى حد ما، وإنما نقول إلى حد ما؛ لأن

الصفة الاجتماعية لا تتم إلى في المعنى الدلالي، الذي يكشف عنه تحليل الحدث الكلامي، وسيأتي الكلام عن ذلك في منهج الدلالة.

ولكن الصيغة الصرفية، قد لا تكون بمفردها كافية للدلالة على المورفيم، لوجود الغموض فيها، فهي إذا في حاجة إلى المثال ليوضح ما فيها من غموض، خذ مثلا صيغة "فعل"، تجدها مشتركة بين الصفة المشبهة، وبين المصدر، وتجد من أمثلتها "شهم"، و"ضرب"، فإذا وقع الغموض في الصغية هنا، فلن يقع في الأمثلة؛ لأن هذه الأمثلة إما أن تكفي بمفردها لشرح معنى الصيغة، كالمثالين المذكورين، وإما ألا تكفي كما في عدل التي تصلح لمعنى الصفة، كما تصلح لمعنى المصدر، فإذا جاء هذا الغموض في المثال كما جاء في الصيغة، اضطررنا إلى الاستعانة بوسيلة نحوية في تحديد معان صرفية، تلك الوسيلة النحوية هي السياق، ومثل ذلك يقال في صيغة فعيل، التي تأتي صفة مشبهة، ومصدرا وبمعنى اسم الفاعل واسم المفعول، وفعال، التي تأتي صيغة لمفرد، ككتاب، ولجمع، ككلاب، ولمصدر، كقتال، ولا يطعن ذلك أبدا في محدودية المعنى الوظيفي للصيغة؛ لأن هذا المعنى بحكم تسميته وطبيعته، إنما كيون في تحليل السياق؛ والسياق كما قلنا: إحدى الوسائل التي يلجأ إليها أخيرا في إيضاح هذا المعنى، وإذا فما دام هذا هو الحال، فلن يغمض على الفهم معنى وظيفي لغوي أبدا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015