صاعدة أو ثابته، أعلى مما قبلها، هذه قاعدة عامة نقدمها بين يدي دراسة النماذج التنغيمية المختلفة.
أما ترقيم التنغيم فكترقيم الكتابة، وتحمل العلامة فيه من الكتابة محل الشهيق لاسترجاع النفس من الكلام، وكلما جاءت سكتة وجب وجود علامة ترقيمية. وفي التنغيم علامتان ترقيميتان، إحداهما خط رأسي واحد، ليدل على وقفة مع عدم تمام الكلام، وثانيتهما خطان رأسيان، ليدلا على تمامه.
ويستعمل النموذج الإيجابي الهابط في تأكيد الإثبات، كقولك في جواب من أنكر أنه هو الذي قام بفعل معين: أنت فعلت هذا أي لا غيرك، أو ادعى أنه فعل شيئا غيره أنت فعلت هذا، أي لا الآخر يجعل النبر، والتأكيد في الجملة الأولى على الضمير، وفي الثانية على اسم الإشارة، مؤكدا النبر في الحالتين وهابطا بالنغمة المنبورة من أقصى علو المدى، ويستعمل أيضا في تأكيد الاستفهام بكيف وأين، ومتى وبقية الأدوات فيما عدا هل والهمزة، أما إذا كان الاستفهام بهل أو الهمزة، فإن النموذج المستعمل في التنغيم هو الإيجابي الصاعد.
وللإثبات غير المؤكد يستعمل النسبي الهابط، ومن ذلك التحية والكلام التام، وتفصيل المعدودات والنداء، وما عبر به عن فكرة مكملة لكلام سابق مباشرة كما في "لقد قابلت أخاك ... على دراجته"، والاستفهام بغير هل والهمزة، أما إذا كان الاستفهام بهل والهمزة، أو بلا أداة أبدا، فالمستعمل النسبي الصاعد.
ويستعمل السلبي الهابط في تعبيرات التسليم بالأمر، نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وعبارات الأسف والتحسر، وكل ذلك مع خفض الصوت، فإذا كان الكلام تمنيا أو عتبا، فالمستعمل السلبي الصاعد المنتهي بنفحة ثابتة أعلى مما قبلها.
والفرق بين الثلاثة مديات "الإيجابي والنسبي والسلبي"، فرق في علو الصوت وانخفاضه، فالإيجابي أعلاها، والسلبي أخفضها وبينهما النسبي.
وكم أجد في نفسي أمنية حارة أن ينظم المجمع اللغوي دراسات للتنغيم، تنتهي بخلق مستوى صوابي موحد للقراء، والإلقاء في البلاد العربية كلها، حتى لا تكون.
العربية الفصحى خاضعة في كل إقليم للعادات النطقية العامية، وحتى لا يجد العربي غرابة في إلقاء أخيه العربي، فيكون أقدر على فهمه.