*

تعريف بالرموز المستعملة في هذا الكتاب:

لا تكفي رموز الأبجدية العربية بنفسها للقيام بدراسة أصواتية لا للغة العربية الفصحى، ولا لأي لهجة من اللهجات العامية، ذلك؛ لأن رموز هذه الأبجدية قاصرة قصورا عظيما من وجهة نظر العلل، وقصورا أقل شأنا من وجهة نظر الصحاح.

أما من جهة العلل، فلم تعن الأبجدية العربية بها لا من الناحية الأصواتية، ولا من الناحية التشكيلية؛ بل جعلت لها رموزا إضافية تابعة لرموز الصحاح، وتدل على الحرف أكثر مما تدل على الصوت، وحسبنا أن نعلم أن الفتحة القصيرة مثلا ذات أصوات ثلاثة في العربية الفصحى أحدهما مفخم، وثانيها أقل تفخيما، وثالثها مرقق ومع ذلك لم يعن واضعوا الرموز العربية بهذا؛ بل وضعوا لكل أولئك خطا يوضع فوق رمز الحرف الصحيح، قلما يستعمل في أيامنا هذه إلا في ظروف خاصة، ومواقف معينة، ولكن رموز الأبجدية العربية للصحاح، إن قصرت عن غرض هذا الكتاب، وهو الدراسة المفصلة للقيم الأصواتية في الحرف الواحد، فلن تقصر عن الأغراض العملية، التي خلقت من أجلها؛ بل إن المرء ليستطيع أن يدعي أن الأبجدية العربية، ربما كانت من أوفى النظم الكتابية في العالم بالغرض الذي وضعت له، ذلك بأنها تضع لكل حرف من حروفها رمزا كتابيا خاصا، وهو أمر لا يستطيع كثير من لغات العالم أن يفاخر به.

فرق إذا بين أن نضع رموزا للأصوات، وأن نضع رموزا للحروف فالأصوات في كل لغة من لغات العالم أكثر من الحروف، ومن هنا يتحتم أن تكون رموز الأولى أكثر من رموز الثانية، وإذا كانت رموز الحروف ثابتة العدد؛ لأن عدد الحروف لا يزيد، ولا ينقص فإن رموز الأصوات ليست كذلك، وليس تغير عدد رموز الأصوات نتيجة لتغير عدد الأصوات نفسها، كما قد يبدو من سياق الكلام، فعدد الأصوات ثابت أيضا، ولكن الزيادة والنقص في هذه الرموز، إنما تأتي من إرادة واضعها أن يمثل الكثير من صفاتها، فيضع له الكثير من الرموز، أو أن يكتفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015