للعلاقات المتبادلة بين العوامل الاقتصادية, والظواهر الاجتماعية.
والنقطة الأخيرة التي نريد إيضاحها هي أن منهج ابن خلدون كمفكر عبقري لا يمكن بحثه كظاهرة منعزلة في ميدان دراسة المناهج وعلاقاتها بالنظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو بهذا يستحق منا نظرة شاملة أخيرة قد تلقى الضوء على مكانه في حقل دراسة المناهج. وسواء ترك علم العمران والمنهج الخلدوني آثارهما على المفكرين السياسيين والاجتماعيين1 الذين جاءوا بعده أم أن منجزاته العلمية ظلت مجهولة, فإن هذا لا يقلل بحال من الأحوال من الحاجة إلى إعادة النظر في تطور المناهج العلمية في العلوم الإنسانية, والاعتراف بفضله في هذا المجال.
ويقدم بحثنا الموجز هذا بعض المؤشرات الإيجابية على أن منهج ابن خلدون يمكن اعتباره مرحلة متوسطة بين المناهج المجردة التي كانت سائدة قبله في العصور الوسطى من جانب, وبين المناهج الوضعية والمادية لكبار المفكرين الذين ظهروا بعده وخاصة في أوروبا من جانب آخر. هذا علاوة على أن استحالة تصنيف منهجه بشكل مطلق, وحاسم تحت عناوين ميتافيزيقية أو مادية لهو دليل آخر على أنه يمثل مرحلة انتقال بين الاثنين.