الخلافات, وخاصة ما يتعلق منها بدور المتناقضات في النتائج التي توصل إليها.
1- اختلف ابن خلدون مع المنهج الميتافيزيقي في شرحه لظواهر مثل العمران, البداوة، الحضارة والعصبية. فقد كشفت كتاباته أنه يعتبر كلا منها ظاهرة مركبة قابلة للتغيير والانتقال من شكل إلى آخر. فالعمران مثلا قد يكون يدويا أو حضريا. والعمران البدوي "أو البدائي" نفسه ليس له شكل محدد؛ لأن نوع الحياة المتخلفة التي يعبر عنها قد توجد في الصحراء أو الجبال أو القرى الصغيرة. وبالمثل, فإن ظواهر مثل العمران الحضري والعصبية ليس لها شكل مفرد أو محدد. هذا علاوة على أنه بتغيير أسلوب الحياة المادية, فإن الملامح المميزة لهذه الظواهر ووظائفها -كما في حالة العصبية- تتغير بالتبعية1. فالتغيير من شكل إلى آخر, أو من مرحلة إلى أخرى كثير الحدوث, ويخضع للتغيرات البيئية المحيطة التي تحدث في العمران البشري.
2- اختلف ابن خلدون مع المنهج الميتافيزيقي أيضا في تحليله لجوهر كل ظاهرة على حدة, وكشف أن كلا منها قد تحتوي على صفات الخير والشر في نفس الوقت2, أي: إن الشيء الواحد, أو الظاهرة الواحدة يمكن أن تتضمن صفات وعناصر متناقضة. فمثلا يتميز الناس الذين يعيشون في ظل البداوة بالشجاعة والفضيلة وعدم الالتواء, ولكنهم في نفس الوقت أجلاف متخلفون وينقصهم الأخذ بأسباب الحياة المنظمة. وبالإضافة إلى تحليل جوهر كل ظاهرة, تعرض ابن خلدون لأشكال هامة أخرى من التناقض تتولد من العلاقات المتشابكة للقوى الاجتماعية. من ذلك النظريات التي وضعها عن نمو واضمحلال الإمبراطوريات،