البشرى والإنتاج والعمل والكسب وتراكم المال1، وكلها موضوعات لم تكن معروفة ليس فقط لمعاصريه, وإنما لم تكن معروفة أيضا لمن جاءوا بعده حتى في أوروبا, إلى أن كتب آدم سميث كتابه المشهور "ثروة الأمم" في عام 1776 أي: بعد كتابة المقدمة بحوالي أربعة قرون. ولهذا فإنه من الصعب أن نسلم بأن مفهومه، وطريقة استعماله للفظ المادة يماثل تلك التي قصدها الفلاسفة الذين عاصروه, وهو ما سنشرحه بشيء من التفصيل فيما بعد.

إلا أنه تجدر الإشارة إلى ملاحظتين هامتين, هما:

1- دون أن نقلل بأي شكل من الأشكال من غيرة ابن خلدون على الإسلام, وميله إلى ربط مثله العليا ومبادئه باستدلالاته الدنيوية, فإن إعادة دراسة المقدمة تكشف أن التجاءه إلى الأساليب المادية في معالجة الحياة الواقعية ليس أقل أهمية من أسلوب معالجته التقليدي للجوانب الروحية للحياة والوجود.

2- رغم اختلاف العلماء في الحكم على أسلوب فكره ومنهجه, فإنهم أجمعوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015