الصهيونية. فهذا ياكوب كلاتزكين مثلا يذهب إلى حد القول بأن "الثورة اليهودية الحقيقية" لم تنتج عن تحرير اليهود سياسيا -والذي كان عاملا ثانويا- وإنما كانت نتيجة لفقد الإيمان1.

يجمع بين هذه الفلسفات المثالية التي استشهدنا ببعضها صفة هامة, ألا وهي دفاعها غالبا عن نظم اقتصادية استغلالية. وليس المقصود بكلمة مثالية -كما سنوضح فيما بعد- مفهومها الأخلاقي بمعنى المثل الأعلى, أو الحث على التضحية والفداء أو القدوة الحسنة. إنما المقصود هو مفهومها الفلسفي الذي ورد في كتابات أفلاطون ومن جاءوا بعده, والمشتق من اصطلاح المثال الذي ابتكره أفلاطون وفسره بأنه الصورة الفكرية التي توجد على نمطها الأشياء المادية. لهذا فإنه لإخفاء المغزى الحقيقي لتلك الفلسفات تغطي حججها بستار من الروحانية الكاذبة والدفاع عن الإيمان, وهو ما يكذبه الواقع العملي للنظم السياسية التي دافعت عنها قديما, وحديثا.

3- نتناول في هذه النقطة الأخيرة من المقدمة الدور السياسي لمناهج البحث. من المعلوم أنه رغم استمرار الصراع الأيديولوجي بين المذاهب المختلفة، فإن الحقائق الجديدة التي فرضها التقدم التكنولوجي الضخم على العلاقات الدولية -وخاصة من حيث تعذر الحرب النووية- قد دفعت النظم السياسية إلى وضع ضوابط على سياسات القوة التقليدية؛ تفاديا لخروج أي صراع عن الحسابات المتفق عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015