حتى بالنسبة للوضعية نفسها, فإن كونت مدين بعدد من آرائه المحورية فيها للمفكر الاشتراكي الفرنسي سان سيمون, الذي عمل كونت كسكرتير له في بداية نشاطه. من الناحية المنهجية، استقى كونت مفاهيمه عن السببية من فلاسفة القرنين الثامن عشر, وأوائل التاسع عشر مثل هيوم وكانت. هذا علاوة على أن علماء الاجتماع المعاصرين لا يختلفون حول فضل العلامة عبد الرحمن بن خلدون في وضع الأسس العلمية الأولى لعلم الاجتماع, مما يشكك في الادعاء الآخر لكونت بأنه كان أيضا مبتكر علم الاجتماع1.
يقول كونت: إن الحالات الثلاث المقصودة هي: اللاهوتية والميتافيزيقية والوضعية "الأولى هي نقطة الانطلاق الضرورية للفهم البشري، والثالثة هي حالته الثابتة والنهائية، أما الثانية فمجرد مرحلة انتقالية"2.
الحالة اللاهوتية هي ذلك المنهج الذي كان الإنسان البدائي يتبعه في فهم الكون عامة, ومحاولة تفسير الظواهر المحيطة به خاصة, وذلك بإرجاعها إلى إرادة الآلهة والأرواح الخفية, أو أية كائنات مطلقة تفوق الطبيعة.
يرتب كونت على ذلك أن التفسير اللاهوتي البدائي هو تفسير خرافي يناسب الحياة الإنسانية في بدء تطورها حيث كان الإنسان عاجزا عن تفسير الكون