بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
188 - أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن -[198]- الأزهر الصيرفي البغدادي -رحمه الله- قدم علينا واسطاً، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن سليمان، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب العبدي، حدثنا عمر بن شبة بن عبيدة النميري قال: حدثني المدائني قال: وجه المنصور إلى الأعمش يدعوه، قال: وحدثنا محمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري، حدثنا عبد الله بن عتاب بن محمد، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش قال: أرسل إلي المنصور، وحدثنا محمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري، حدثنا عبد الله بن عتاب بن محمد العبدي، حدثنا أحمد بن علي العمي، حدثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدثني سليمان بن سالم حدثني الأعمش قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور، وقد دخل حديث بعضهم في بعض واللفظ لعمر بن شبة قال: وجه إلي المنصور فقلت للرسول: لما يريدني أمير المؤمنين؟، قال: لا أعلم، فقلت: أبلغه أني آتيه، ثم تفكرت في نفسي فقلت: ما دعاني في هذا الوقت لخير! ولكن عسى أن يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فإن أخبرته قتلني!، قال: فتطهرت ولبست أكفاني وتحنطت، ثم كتبت وصيتي، ثم صرت إليه فوجدت عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله تعالى على ذلك وقلت: وجدت عنده عون صدق من أهل النصرة، فقال لي: ادن يا سليمان! فدنوت، فلما قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسائله، وفاح مني ريح الحنوط، فقال: يا سلميان ما هذه الرائحة؟ والله -[199]- لتصدقني وإلا قتلتك فقلت: يا أمير المؤمنين أتاني رسولك في جوف الليل فقلت في نفسي: ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل علي، فإن أخبرته قتلني! فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت، فاستوى جالساً وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم قال: أتدري يا سليمان ما اسمي؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين! قال: ما اسمي؟ قلت: عبد الله الطويل ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، قال: صدقت فأخبرني بالله وبقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كم رويت في علي من فضيلة من جميع الفقهاء وكم يكون؟ قلت: يسير يا أمير المؤمنين، قال: على ذاك، قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد. قال: فقال: يا سليمان لأحدثنك في فضائل علي عليه السلام حديثين يأكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء فإن حلفت لي أن لا ترويهما لأحد من الشيعة حدثتك بهما، فقلت: لا أحلف ولا أخبر بهما أحداً منهم. فقال: كنت هارباً من بني مروان وكنت أدور البلدان أتقرب إلى الناس بحب علي وفضائله، وكانوا يؤونني، ويطعمونني، ويزودونني ويكرموني ويحملوني حتى ودرت بلاد الشام، وأهل الشام كلما أصبحوا لعنوا علياً عليه السلام في مساجدهم، لأن كلهم خوارج وأصحاب معاوية، فدخلت مسجداً وفي نفسي منهم ما فيها فأقيمت الصلاة فصليت الظهر وعلي كساء خلق، فلما سلم الإمام اتكأ على الحائط وأهل المسجد حضور، فجلست فلم أر أحداً منهم يتكلم توقيراً لإمامهم، فإذا بصبيين قد دخلا المسجد فلما نظر إليهما الإمام! قال: ادخلا مرحباً بكما ومرحباً بمن أسماكما بأسمائهما، والله ما سميتكما بأسمائهما إلا بحب محمد وآل محمد. فإذا أحدهما يقال له: الحسن -[200]- والآخر: الحسين. فقلت فيما بيني وبين نفسي: قد أصبت اليوم حاجتي، لا قوة إلا بالله، وكان شاب إلى يميني فسألته: من هذا الشيخ؟ ومن هذان الغلامان؟ فقال: الشيخ جدهما، وليس في هذه المدينة أحد يحب علياً عليه السلام غير هذا الشيخ، ولذلك سماهما الحسن والحسين، فقمت فرحاً وإني يومئذ لصارم لا أخاف الرجال فدنوت من الشيخ فقلت: هل لك في حديث أقر به عينيك؟ قال: ما أحوجني إلى ذلك، وإن أقررت عيني أقررت عينك. فقلت: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: من والدك؟ ومن جدك؟ فلما عرفت أنه يريد أسماء الرجال فقلت: محمد بن علي بن عبد الله بن العباس قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فاطمة عليها السلام قد أقبلت تبكي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك يا فاطمة؟)) قالت: يا أباه إن الحسن والحسين قد عبرا أو قد ذهبا منذ اليوم وألا أدري أين هما؟ وإن علياً يمشي على الدالية منذ خمسة أيام يسقي البستان، وإني قد طلبتهما في منازلك فما حسست لهما أثراً! وإذا أبو بكر عن يمينه فقال: ((يا أبا بكر قم فاطلب قرتي)) ثم قال: ((يا عمر قم فاطلبهما، يا سلمان، يا أبا ذر، يا فلان، يا فلان))، قال: فأحصينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين رجلاً بعثهم في طلبهما وحثهم فرجعوا ولم يصيبوهما. فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك غماً شديداً ووقف على باب المسجد وهو يقول: ((بحق إبراهيم خليلك وبحق آدم صفيك وإن كانا قرتي عيني، وثمرتي فؤادي أخذا براً، أو بحراً فاحفظهما أو سلمهما))، فإذا جبريل عليه السلام قد هبط فقال: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام ويقول لك: ((لا تحزن، ولا تغتم -[201]- الصبيان فاضلان في الدنيا، فاضلان في الآخرة، وهما في الجنة وقد وكلت بهما ملكاً يحفظهما إذا ناما وإذا قاما)). ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً، ومضى وجبريل عن يمينه والمسلمون حوله حتى دخل حظيرة بني النجار، فسلم على ذلك الملك الموكل بهما، ثم جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وإذا الحسن معانقاً للحسين وهما نائمان وذلك الملك قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما، وعلى كل واحد منهما دراعة من شعر أو صوف والمداد على شفتيهما، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يلثمهما حتى استيقظا، فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن، وحمل جبريل الحسين وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من الحظيرة. قال ابن عباس: وجدنا الحسن عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم والحسين عن يساره وهو يقبلهما ويقول: ((من أحبكما فقد أحب رسول الله، ومن أبغضكما فقد أبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم))، فقال أبو بكر: يا رسول الله أعطني أحدهما أحمله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم المحمولة ونعم المطية تحتهما))، فلما أن صار إلى باب الحظيرة لقيه عمر، فقال له مثل مقالة أبي بكر فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رد على أبي بكر، فرأينا الحسن متشبثاً بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم متكياً باليمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجدنا يد النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فقال: ((لأشرفن ابني اليوم كما شرفهما الله))، فقال: ((يا بلال، علي بالناس)) فنادى بهم فاجتمع الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((معشر أصحابي بلغوا عن نبيكم محمد))، سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا أدلكم اليوم على خير الناس جداً وجدةً؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((عليكم بالحسن والحسين فإن جدهما محمد رسول الله، وجدتهما خديجة بنت -[202]- خويلد سيدة نساء أهل الجنة، هل أدلكم على خير الناس أباً وأماً؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((عليكم بالحسن والحسين فإن أباهما علي بن أبي طالب وهو خير منهما شاب يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ذو المنفعة والمنقبة في الإسلام، وأمهما فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم وعليهما-، سيدة نساء أهل الجنة، معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس عماً وعمة؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((عليكم بالحسن والحسين فإن عمهما جعفر ذو الجناحين يطير بهما في الجنان مع الملائكة، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس خالاً وخالة؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((عليكم بالحسن والحسين فإن خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله، ألا يا معشر الناس أعلمكم أن جدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأبوهما في الجنة، وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، وهما في الجنة ومن أحب ابني علي فهو معنا غداً في الجنة، ومن أبغضهما فهو في النار، وإن من كرامتهما على الله أنه سماهما في التوراة شبراً وشبيراً)). فلما سمع الشيخ الإمام هذا مني قدمني وقال: هذه حالك وأنت تروي في علي هذا؟ فكساني خلعة وحملني على بلغة بعتها بمائة دينار، ثم قال لي: أدلك على من يفعل بك خيراً! هاهنا أخوان لي في هذه المدينة، أحدهما كان إمام قوم وكان إذا أصبح لعن علياً ألف مرة كل غداة وإنه لعنه يوم الجمعة أربعة آلاف مرة، فغير الله ما به من نعمة فصار آية للسائلين فهو اليوم يحبه، وأخ لي يحب علياً منذ خرج من بطن أمه فقم إليه ولا تحتبس -[203]- عنده. والله يا سليمان لقد ركبت البغلة وإني يومئذ لجائع، فقام معي الشيخ وأهل المسجد حتى صرنا إلى الدار، وقال الشيخ: انظر لا تحتبس فدققت الباب وقد ذهب من كان معي فإذا شابٌ آدم قد خرج إلي فلما رآني والبغلة قال: مرحباً بك، والله ما كساك أبو فلان خلعته ولا حملك على بغلته إلا أنك رجل تحب الله ورسوله، لئن أقررت عيني لأقرن عينك. والله يا سليمان إني لأنفس بهذا الحديث الذي يسمعه وتسمعه: أخبرني أبي عن جدي عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوساً بباب داره فإذا فاطمة قد أقبلت وهي حاملة الحسين وهي تبكي بكاء شديداً فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول الحسين منها وقال لها: ((ما يبكيك يا فاطمة؟))، قالت: يا أبه عيرتني نساء قريش وقلن: زوجك أبوك معدماً لا شيء له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مهلاً وإياي أن أسمع هذا منك، فإني لم أزوجك حتى زوجك الله من فوق عرشه، وشهد على ذلك جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وإن الله تعالى اطلع إلى أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبياً، ثم اطلع الثانية فاختار من الخلائق علياً فأوحى إلي فزوجتك إياه، واتخذته وصياً ووزيراً. فعلي أشجع الناس قلباً، وأعلم الناس علماً، وأحلم الناس حلماً، وأقدم الناس إسلاماً، وأسمحهم كفاً، وأحسن الناس خلقاً. يا فاطمة إني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي فأدفعها إلى علي فيكون آدم ومن ولد تحت لوائه. يا فاطمة إني غداً مقيم علياً على حوضي يسقي من عرف من أمتي، يا فاطمة وابنيك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وكان قد سبق اسمهما في توراة موسى، وكان اسمهما في الجنة شبراً -[204]- وشبيراً، فسماهما الحسن والحسين، لكرامة محمد صلى الله عليه وسلم على الله تعالى، ولكرامتهما عليه. يا فاطمة يكسى أبوك حلتين من حلل الجنة، ويكسى علي حلتين من حلل الجنة، ولواء الحمد في يدي وأمتي تحت لوائي فأناوله علياً لكرامته على الله تعالى وينادي منادٍ: يا محمد نعم الجد جدك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي. وإذا دعاني رب العالمين دعا علياً معي، وإذا جثوت جثا علي معي، وإذا شفعني شفع علياً معي، وإذا أجبت أجيب علي معي، وإنه في المقام عوني على مفاتيح الجنة، قومي يا فاطمة إن علياً وشيعته هم الفائزون غداً)). وقال: بينما فاطمة جالسة إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إليها فقال: ((يا فاطمة ما لي أراك باكية حزينة؟)) قالت: يا أبي وكيف لا أبكي وتريد أن تفارقني؟ فقال لها: ((يا فاطمة لا تبكي ولا تحزني، فلا بد من مفارقتك)). قال: فاشتد بكاء فاطمة عليها السلام ثم قالت: يا أبه أين ألقاك؟ قال: ((تلقينني في تل الحمد أشفع لأمتي))، قالت: يا أبه فإن لم ألقك! فقال: ((تلقينني على الصراط وجبرائيل على يمين، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل آخذ بحجزتي، والملائكة من خلفي وأنا أنادي: يا رب أمتي أمتي هون عليهم الحساب! ثم أنظر يميناً وشمالاً إلى أمتي وكل نبي يومئذٍ مشتغل بنفسه يقول: يا رب نفسي نفسي، وأنا أقول: يا رب أمتي أمتي. فأول من يلحق بي من أمتي يوم القيامة أنت، وعلي، والحسن والحسين، فيقول الرب: يا محمد! إن أمتك لو أتوني بذنوب كأمثال الجبال لعفوت عنهم ما لم يشركوا بي شيئاً، ولم يوالوا لي عدواً)). -[205]- قال: قال فلما سمع الشاب هذا مني أمر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوباً ثم قال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة قال: عربي أنت أم مولى؟ قلت: بل عربي، قال: فكما أقررت عيني أقررت عينك، ثم قال لي: ائتني غداً في مسجد بني فلان وإياك أن تخطئ الطريق، فذهبت إلى الشيخ وهو جالس ينتظرني في المسجد، فلما رآني استقبلني وقال: ما فعل معك أبو فلان؟ قلت: كذا وكذا، قال: جزاه الله خيراً، جمع الله بيننا وبينهم في الجنة. فلما أصبحت يا سليمان ركبت البغلة وأخذت في الطريق الذي وصف لي فلما صرت غير بعيد تشابه علي الطريق، وسمعت إقامة الصلاة في مسجد فقلت: والله لأصلين مع هؤلاء القوم، فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد فوجدت رجلاً قامته مثل قامة صاحبي فصرت عن يمينه. فلما صرنا في ركوع وسجود إذا عمامته قد رمي بها من خلفه، فتفرست في وجهه فإذا وجهه وجه خنزير، ورأسه، وخلقه، ويداه، ورجلاه، فلم أعلم ما صليت وما قلت في صلاتي متفكراً في أمره، وسلم الإمام وتفرس في وجهي وقال: أنت أتيت أخي بالأمس فأمر لك بكذا وكذا؟ قلت: نعم، فأخذ بيدي وأقامني فلما رآنا أهل المسجد تبعونا فقال للغلام: أغلق الباب ولا تدع أحداً يدخل علينا، ثم ضرب بيده إلى قميصه فنزعه فإذا جسده جسد خنزير. فقلت: يا أخي ما هذا الذي أرى بك؟ قال: كنت مؤذن القوم فكنت كل يوم إذا أصبحت ألعن علياً ألف مرة بين الأذان والإقامة قال: فخرجت من المسجد ودخلت داري هذه وهو يوم جمعة وقد لعنته أربعة -[206]- آلف مرة ولعنت أولاده، فاتكيت على الدكان فذهب بي النوم فرأيت في منامي كأنما أنا بالجنة قد أقبلت فإذا علي متكئ، والحسن، والحسين معه متكئين بعضهم ببعض مسرورين تحتهم مصليات من نور، وإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، والحسن والحسين قدامه وبيد الحسن كأس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: ((اسقني)) فشرب، ثم قال للحسين: ((اسق أباك علياً)) فشرب، ثم قال للحسن: ((اسق الجماعة)) فشربوا، ثم قال: ((اسق المتكئ على الدكان)) فولى الحسن بوجهه عني وقال: يا أبه كيف أسقيه وهو يلعن أبي في كل يوم ألف مرة! وقد لعنه اليوم أربعة آلاف مرة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما لك لعنك الله تلعن علياً وتشتم أخي؟ لعنك الله تشتم أولادي الحسن والحسين؟))، ثم بصق النبي صلى الله عليه وسلم فملأ وجهي وجسدي!! فانتبهت من منامي ووجدت موضع البصاق الذي أصابني من بصاق النبي صلى الله عليه وسلم قد مسخ كما ترى!!، وصرت آية للسائلين. ثم قال: يا سليمان سمعت في فضائل علي عليه السلام أعجب من هذين الحديثين؟ يا سليمان حب علي إيمان، وبغضه نفاق، لا يحب علياً إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر، فقلت: يا أمير المؤمنين الأمان؟ قال: لك الأمان، قال: قلت: فما تقول يا أمير المؤمنين في من قتل هؤلاء؟ قال: في النار لا أشك، فقلت: فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟ قال: فنكس رأسه ثم قال: يا سليمان الملك عقيم ولكن حدث عن فضائل علي بما شئت، قال: فقلت فمن قتل ولده فهو في النار، قال عمرو بن عبيد: صدقت يا سليمان الويل لمن قتل ولده، فقال المنصور: يا عمرو أشهد عليه أنه في النار، فقال عمرو: وأخبرني الشيخ الصدق -يعني -[207]- الحسن- عن أنس أن من قتل أولاد علي لا يشم رائحة الجنة، قال: فوجدت أبا جعفر وقد حمض وجهه قال: وخرجنا فقال أبو جعفر: لولا مكان عمرو ما خرج سليمان إلا مقتولاً.