5 - كان شيخ الإسلام مراعياً عوارض الأهلية - كالجهل والتأوّل ونحوهما - كما في حكاية مناظرة الواسطية، فلما اعترض الخصوم بأن من خالف شيئاً من عقيدة الفرقة الناجية يلزم هلاكه.
فأجاب قائلاً: " ليس من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته" (?) .
ويقول - في موطن آخر - " كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة، والذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش، لما وقعت محنتهم، أنا لو وافقتكم كنت كافراً؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون؛ لأنكم جهال، وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم. " (?) .
وبالجملة فإن المناظرة بشأن الواسطية تستحق أن تفرد بمصنّف نظراً لطولها، ولما تحويه من معالم مهمة، وفوائد جمة في تقرير الاعتقاد، وشرح العقيدة الواسطية، والردّ على المخالفين، وجوانب عملية تطبيقية في المناظرات وآدابها.