الأحوال التي ينهى السلف فيها عن المناظرة فقال: " وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيُخاف عليه أن يفسده ذلك المضلّ، كما يُنهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجاً قوياً من علوج الكفار، فإن ذلك يضرّه ويضر المسلمين بلا منفعة، وقد ينهى عنه إذا كان المناظر معانداً يظهر له الحق فلا يقبله - وهو السوفسطائي - فإن الأمم كلهم متفقون على أن المناظرة إذا انتهت إلى مقدمات معروفة، بيّنة بنفسها، ضرورية، وجحدها الخصم كان سوفسطائياً، ولم يؤمر بمناظرته بعد ذلك، بل إن كان فاسد العقل داووه، وإن كان عاجزاً عن معرفة تركوه، وإن كان مستحقاً للعقاب عاقبوه مع القدرة " (?)
وبهذا يتبين أن المناظرة المشروعة لها أحوال، منها: إن كان في مقام دفع من يلزمه ببدعة فعليه أن لا يجيب إلا إلى نصوص الوحيين، كما في مناظرة الإمام أحمد للجهمية (?) .
وإن كان في مقام الدعوة لغيره، فعليه أن يعتصم بالكتاب والسنة، وما يبيّن ذلك من الأقيسة العقلية، كما نلحظ في مناظرة ابن تيمية لأهل الاتحاد ووحدة الوجود - كما سيأتي إن شاء الله - وإن كان في مقام الإجابة لمن عارضه بالعقل، فيحتاج إلى حلّ شبهته وبيان بطلانها، كما