فعلى الحاجِّ أن يعتني بهديه من جميع هذه النواحي ليكون هدياً مقبولاً مقرباً له إلى الله عز وجل، ونافعاً لعباد الله.
واعلم أن إيجاب الهدي على المتمتع والقارن، أو الصيام عند العدم، ليس غُرماً على الحاج، ولا تعذيباً له بلا فائدة، وإنما هو من تمام النسك وكماله، ومن رحمة الله وإحسانه، حيث شرع لعباده ما به كمال عبادتهم وتقرُّبهم إلى ربهم، وزيادة أجرهم، ورفعةُ درجاتهم، والنفقة فيه مخلوفةٌ، والسعي فيه مشكور، فهو نعمة من الله تعالى يستحق عليها الشكر بذبح الهدي، أو القيام ببدله، ولهذا كان الدم فيه دم شُكران لا دم جبران، فيأكل منه الحاج ويهدي ويتصدق.
وكثيرٌ من الناس لا تخطُرُ ببالهم هذه الفائدة العظيمة، ولا يحسبون لها حساباً، فتجدهم يتهربون من وجوب الهدي، ويسعون لإسقاطه بكل وسيلة، حتى إن منهم من يأتي بالحج مفرداً من أجل أن لا يجب عليهم الهدي أو الصيام، فيَحرمون أنفسهم أجر التمتع وأجرَ الهدي أو بدلَه، والله المستعان.