النحر كما هو معروف، فبيّن بفعله - صلى الله عليه وسلم -: أن بلوغه مَحِلَّه يوم النحر بمنى، بعد رمي جمرة العقبة، فمن أجاز ذبح هدي التمتع قبل ذلك، فقد خالف فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المبيِّن لإجمال القرآن، وخالف ما عليه الصحابة من بعده - صلى الله عليه وسلم -، وخالف ما جرى عليه عمل المسلمين، ولا يثبت بنصٍّ صحيح عن صحابيٍّ واحدٍ أنه نحر هدي تمتُّعٍ أو قرانٍ قبل يوم النحر، فلا يجوز العدول عن هذا الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مبيِّناً به إجمال الآيات القرآنية، وأكده بقوله: ((لتأخذوا عني مناسككم)) (?) (?).
قال العلامة الشنقيطي رحمه اللَّه: ((وبه تعلم أن ذبحه - صلى الله عليه وسلم - هديه يوم النحر، وهو قارن، وذبحه عن أزواجه يوم النحر وهنَّ متمتعات، وعن عائشة وهي قارنة: فِعلٌ مبيّنٌ لنصٍّ واجبٍ، فهو واجب، ولا تجوز مخالفته في نوع الفعل، ولا في زمانه، ولا في مكانه، إلا فيما أخرجه دليل
خاصٌّ، كغير المكان الذي ذبح فيه، من منى؛ لأنه بيَّن - صلى الله عليه وسلم - أن منى كلها منحر، ولم يبيّن أن الزمن كله وقت نحر ... )) (?).
فإذا عرفت ذلك مما تقدم فاعلم: أن الحق الذي دلّ عليه الكتاب والسنة، وفعل الخلفاء الراشدين، والمهاجرين، والأنصار، وغيرهم من كافة الصحابة، وعلماء المسلمين، وهو أنه لا يجوز نحر هدي التمتع والقران قبل يوم النحر، وهذا هو الحق الذي لا شك فيه)) (?) (?).