الدليل العاشر: أن الرمي لو كان قبل الزوال جائزاً؛ لبادر إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لما فيه من التَّيسير على أمته، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يأمر أمته بالتيسير، فيقول: ((يسِّروا ولا تُعسِّروا)) (?).
و ((ما خُيِّر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)) (?).
وقد كان يقول: ((اللَّهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به)) (?).
ومعلوم يقيناً أن الحرّ كان شديداً جداً في عام حجة الوداع حتى في وقت الضُّحى بعد ارتفاع الشمس، والدليل على ذلك حديث أم الحصين رضي اللَّه عنها، قالت: ((حججت مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة: أحدهما يقود راحلته والآخر رافعٌ ثوبه على رأس رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - من الشمس ... ))
وفي لفظ: (( ... والآخر رافع ثوبه يستره من الحرِّ حتى رمى جمرة العقبة)) (?)، وحديث جابر - رضي الله عنه -، وفيه: ((أنه - صلى الله عليه وسلم - نزل في القبة التي ضُرِبَتْ له بِنَمِرة حتى زالت الشمس ... )) (?).