فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة مع النعمة المتضمِّنة لغاية النفع والإحسان والرحمة مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الداعي إلى محبته كان في ذلك: من العظمة، والكمال، والجلال، ما هو أولى به، وهو أهل له، وكان في ذكر العبد له ومعرفته له من انجذاب قلبه إلى اللَّه وإقباله عليه، والتوجّه بدواعي المحبة كلها إليه ما هو مقصود العبودية ولُبِّها، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.
الفائدة السابعة عشرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ... وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على
كل شيء قدير)) (?).
وقد اشتملت التلبية على هذه الكلمات بعينها، وتضمنت معانيها، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وهو على كل شيء قدير)) تدخل تحت قوله - صلى الله عليه وسلم - في التلبية: ((لا شريك لك)) وكذلك تحت قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الحمد والنعمة لك))، وكذلك تدخل تحت إثبات الملك له تعالى، فالملك كله له، والحمد كله له، وليس له شريك بوجه من الوجوه، فهو الذي على كل شيء قدير.
الفائدة الثامنة عشرة: أن كلمات التلبية متضمنة للردِّ على كلِّ مبطل في صفات اللَّه وتوحيده؛ فإنها مبطلة لقول المشركين على اختلاف طوائفهم ومقالاتهم، ولقول الفلاسفة وإخوانهم من الجهمية المعطلين لصفات الكمال التي هي متعلق الحمد؛ فهو سبحانه محمود لذاته، وصفاته، ولأفعاله، فمن جحد صفاته وأفعاله فقد جحد حمده، وكلمات التلبية