وعليك البيات أيضا في المزدلفة حتى تصلي الصبح فإن فاتك البيات فلا يفوتك أداء الصلاة فيها فإنه واجب منه بل هو ركن من أركان الحج على القول الأرجح عند المحققين من العلماء إلا للنساء والضعفة. فإنه يجوز لهم الانصراف بعد نصف الليل كما سيأتي.
رابعا: واحذر ما استطعت أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام فضلا عن غيره من المساجد وغيرها لقوله صلى الله عليه وسلم:
"لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه".
فهذا نص عام يشمل كل مار ومصل ولم يصح حديث استثناء المار في المسجد الحرام وعليك أن تصلي فيه كغيره إلى سترة لعموم الأحاديث الواردة في ذلك وفيه آثار خاصة عن بعض الصحابة مذكورة في "الأصل".
خامسا: على أهل العلم والفضل أن يعلموا الحجاج حيثما التقوا بهم مناسك الحج وأحكامه وفق الكتاب والسنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى التوحيد الذي هو أصل الإسلام ومن أجله بعث الرسل وأنزلت الكتب فإن أكثر من لقيناهم حتى بعض من ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة توحيد الله وصفاته كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وكثرة أحزابهم إلى توحيد كلمتهم وجمع صفوفهم على أساس الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة وأن يتذكروا أن أي صوت يرتفع وأي إصلاح يقوم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا تفرقة وضعفا وخزيا وذلا والواقع أكبر شاهد على ذلك. والله المستعان.