ومِمَّا ينبغي تأمله جيِّداً لشدَّةِ الحاجة إليه في وقتنا قولُ مؤمني الجن المتقدِّم (في ص: 76): (ومَن تبع طبيباً مريضاً دامتْ عِلّتُه!)، وَوَاضح أن مرادهم طبيبَ القلوب المبيِّن أمراضها الدالّ على شفائها، فمَنْ طلب هذا العلم الرباني العظيم الدال على معرفة ربِّ العالمين فإنه يجده في كتب سلفنا الصالح مثل ابن القيم وشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله -.
* تنبيه:
عَلِمتُ أخيراً وفي هذا الشهر الكريم رمضان المبارك الذي عظَّمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أن قوماً خَذَلهم الله وأهانهم {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (?)، والذي قال الحسن البصري - رحمه الله - في أمثالهم: (هانوا على الله فعصوْه، ولوْ عَزُّوا عليه لعَصَمَهُم) (?)؛ عَلِمتُ أنهم اتخذوا موضوع (الحور العين) للسُّخرية والتندُّر، وذلك بمسلسل خبيث يعرضونه على الناس ليستهينوا بما عظَّم الله من أزواج أنبيائه وأوليائه والشهداء في سبيله في الدار الآخرة (?)، وهذا واللهِ مُنذِرٌ بعقوباتِ قد تُعجَّل إلا بدَفْعٍ من الحليم سبحانه الذي يُمهِل ولا يُهمل، وقد قيل: (أمهل الله العُصَاة حتى ظنَّ المغرورون بالله أن إمهال الله إهمال!)؛ وما أكثر المغرورين بالله لا كثَّرهم الله!.
ويا عَجباً:
أَيَهْزَأُ بِالْحُورِ الْحِسَانِ مُسَلْسَلُ ... بِشَهْرٍ بِهِ الشَّيْطَانُ دَوْماً مُسَلْسَلُ!
غير أنه لا عجبْ إذا عَلِمْنا أننا في زمانٍ لم يسبق له في الفرعنة والشَّيْطنة مثيلاً حتى أصبح مِن الإنس مَن يَفُوقون شياطين الجنِّ في إغواء الناس وإشاعة المنكرات والدعوة للكُفر والفساد!، حتى في هذا الشهر المبارك الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخل رمضان فُتِحَت أبوابُ الجنةِ، وغُلِّقَت أبوابُ جهنَّم، وسُلْسِلت الشياطين) (?)، فَبَدَلاً من أن يكون شهراً يتخذ فيه المسلمُ فرصةَ تقييدِ شياطينِ الجنِّ ليتزوّد فيه من الطاعات يأبَى شياطينُ الإنسِ إلا أنْ يَنُوبُون عن إخوانهم من شياطين الجنِّ حتى جعلوا من هذا الشهر المبارك مَوسماً للتنافس في ترويج فسادهم وإفسادهم والعياذ بالله.
وقد ذكَر العلماءُ أنّ الحدَّ من شرِّ الشياطين في رمضان إنما هو للمؤمنين وليس للفجَرة، وإنما الفَجَرة يزداد فُجُورُهم في رمضان!.
وقد ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - أن الشياطين إنما تتمكَّن من بني آدم بسبب الشهوات، فإذا كفُّوا عن الشهوات صُفِّدت الشياطين (?).
واليوم يتوفّر في رمضان ويكثر إلى حدِّ الإسراف من الشهوات ما لا يكون في غيره من الأوقات، فهل تُصفّد الشياطين عن كلِّ أحد تصفيداً يُضعِف تمكُّنهم!.