وقال أبو الوفاء القزويني وغيره في وصف العارفين بالله تعالى المحبين له:
تشَاغلَ قَوْمٌ بِدنياهُمُ ... وَقَوْمٌ تَخَلَّوْا لِمَوْلاَهُمُ
فَألزَمَهُمْ بَابَ مَرْضَاتِهِ ... وَعَنْ سَائِرِ الْخَلْقِ أَغْنَاهُمُ
فَمَا يَعْرفُونَ سِوَى حُبِّهِ ... وَطَاعَتِهِ طُولَ مَحْيَاهُمُ
يَصُفُّونَ بالليلِ أَقْدَامَهُمْ ... وَعَيْنُ المُهَيْمِنِ تَرْعَاهُمُ
فَطَوْراً يُنَاجُونهُ سُجَّداً ... وَيَبْكُونَ طَوْراً خَطَايَاهُمُ
إِذَا فَكَّرُوا فِي الَّذِي أَسْلَفُوا ... أَذَابَ القُلُوبَ وَأَبكَاهُمُ
وَإِنْ يَسْكُنِ الْخَوْفُ لاَذُوا بِهِ ... وَبَاحُوا إِلَيْهِ بِشَكْوَاهُمُ
وأضحَوْا صِيَاماً عَلَى جَهْدِهِمْ ... هُمُ القومُ أَعطَوْا مَلِيكَ الْمُلُوك ... تَبَارَكَ مَنْ هُوَ قَوَّاهُمُ
هُمُ الْمُجْتَبَوْنَ بنياتهمْ ... صِدْقَ القُلُوبِ فَوَالاَهُمُ
وأَسْكَنَهُمْ فِي فَرَادِيسِهِ ... أرادوا رِضَاهُ فأعْطَاهُمُ
فَنَالُوا المُرَادَ بِرُؤيَتِهِ ... وَأَعلاَ المنازِلِ بَوَّاهُمُ
فَطُوبَى لَهُمْ ثُمَّ طُوبَاهُمُ (?)
وقال أبو عبدالله الحكيم الترمذي: (فأما أهلُ المعرفةِ وهم المقرَّبون فغمومهم من البقاء في الدنيا، فإنّ الدنيا "سِجْن" المقربين ينتظرون متى الراحة منها، وهو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الدنيا سجن المؤمن " (?)، وأما أحزانهم فمن ظمأ الشوق إلى الله عزَّ وجل، فهذان الصنفان لم ينفكوا من الغموم