قال – رحمه الله – عن هذه الأبيات: (أساء كل الإساءة في قوله إذْ يقوله لمخلوق لا يملك له ولا لنفسه نفعاً ولا ضراً) .. أيْ أن هذا لا يصلح إلا للهِ عز وجل.
وقد ذكر أهلُ العلمِ أنَّ مِنْ علامات العارفِ باللهِ أنه مستأنس بربه، مُسْتَوْحش ممن يقطعه عنه.
وأن المعرفة بالله تعالى على ثلاثة أركان: الهيْبة، والحياء، والأُنس.
وقالوا: (لكل شيء عقوبة وعقوبة العارف انقطاعه عن ذكر الله).
وقال يحيى بن معاذ – رحمه الله -: (يخرج العارف من الدنيا ولم يقضِ وطَره من شيئين: بكاءٍ على نفسه، وثناءٍ على ربه).
قال ابن القيم: (وهذا من أحسن الكلام، فإنه يدل على معرفته بنفسه وعيوبه وآفاته، وعلى معرفته بربه وكماله وجلاله، فهو شديد الإزراء على نفسه لهج الثناء على ربه، ومَن عرف الله تعالى صفا له العيش، فطابت له الحياة، وهابَه كلُّ شيء، وذهب عنه خوف المخلوقين، وأنِسَ بالله؛ ومَن عرف الله قرّتْ عينه بالله، وقرّت عينه بالموت، وقرّت به كل عين، ومَن لم يعرف الله تقطع قلبه على الدنيا حسرات؛ ومَن عرف الله لم يبق له رغبة فيما سواه؛ ومَن ادّعى معرفة الله وهو راغب في غيره كذَّبَتْ رغبتُه معرفتَه، ومَن عرف الله أحبّه على قدر معرفته به وخافه ورجاه وتوكل عليه وأناب