ثم يُفتح له باب الحياء من الله، وهو أول شواهد المعرفة، وهو نور يقع في القلب، يُريه ذلك النور أنه واقف بين يدي ربه عز وجل فيستحيي منه في خلواته وجلواته، ويُرزق عند ذلك دوام المراقبة للرقيب، ودوام التطلع إلى حضرة العلي الأعلى كأنه يراه ويشاهده فوق سمواته مستوياً على عرشه ناظراً إلى خلقه سامعاً لأصواتهم مشاهداً لبواطنهم.
فإذا استولى عليه هذا المشهد غطى عليه كثيراً من الهموم بالدنيا وما فيها، فهو في وجود والناس في وجود آخر .. هو في وجود بين يدي ربه ووليه .. ناظراً إليه بقلبه والناس في حجابِ عالَم الشهادة في الدنيا).
ثم قال – رحمه الله -: (ثم يُفتح له باب الشعور بمشهد القيومية، فيرى سائر التقلبات الكونية وتصاريف الوجود بيده سبحانه) .. وذكر كلاماً، ثم قال: (فإن استمر على حاله واقفاً بباب مولاه لا يتلفت عنه يميناً ولا شمالاً ولا يُجيب غير من يدعوه إليه ويعلم أن الأمر وراء ذلك وأنه لَم يصل بَعْدُ، ومتى توهّم أنه قد وصل انقطع عنه المزيد .. - ثم قال رحمه الله -: رُجي أن يُفتح له فتحٌ آخر هو فوق ما كان فيه!).
ثم قال: (ويبقى له وجود قلبي روْحاني مَلَكي فيبقى قلبه سابحاً في بحر من أنوار آثار الجلال، فتنبع الأنوار من باطنه كما ينبع الماء من العين، حتى يجد الملكوت الأعلى كأنه في باطنه وقلبه ويجد قلبه عالياً على ذلك كله، صاعداً إلى من ليس فوقه شيء) انتهى.