قال الإمام أبو القاسم اللالكائي: ثم إنه لم يزل في كل عصر من الأعصار إمام من سلف أو عالم من خلف قايم لله بحقه وناصح لدينه فيها، يصرف همته إلى جمع اعتقاد أهل الحديث على سنن كتاب الله ورسوله وآثار صحابته، ويجتهد في تصنيفه، ويتعب نفسه في تهذيبه رغبة منه في إحياء سنته وتجديد شريعته، وتطرية ذكرهما على أسماع المتمسكين بهما من أهل ملته، أو لزجر غال في بدعته، أو مستغرق يدعو إلى ضلالته، أو مفتتن بجهالته لقلة بصيرته اهـ1.

ومن هؤلاء العلماء الذين بذلوا مهجهم ونذروا أوقاتهم لهذا الواجب العظيم، الإمام الواعظ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم الأزدي السلماسي الذي بيّن في كتابه – الذي بين أيدينا- منازل الأئمة الأربعة، أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد رضي الله عنهم أجمعين - اتفاق المعتقد عند الأئمة الأربعة الكرام، المقتدى بهم في الإسلام، والمعتمد على أقوالهم وفقههم بين الأنام.

فإن اعتقاد هؤلاء الأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة الأعلام هو ما نطق به الكتاب والسنة، وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ولم يكن بين هؤلاء الأئمة - ولله الحمد والمنة - خلاف في المعتقد وأصول الدين، وإنما وقع الخلاف بينهم في بعض فروع الشريعة وجزئياتها.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب - رحمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015