عن المبتدأ الثاني، وهو وخبره خبر عن الأول، وهكذا يقال في جميع الحروف التي في أوائل السور على القول بأنها معربة وإن لها محلًّا من الإعراب، ولا يجوز الوقف على ذلك؛ لأنَّ «الكتاب» إما بيانًا لذلك وهو الأصح، أو خبرًا له أو بدلًا منه فلا يفصل مما قبله.
والوقف على {لا} قبيح؛ لأنَّ «لا» صلة لما بعدها مفتقرة إليه.
والوقف على {رَيْبَ} تام؛ إن رفع «هُدًى» بـ «فيه»، أو بالابتداء، و «فيه» خبره، (وكاف) إن جعل خبر «لا» محذوفًا؛ فلأنَّ العرب يحذفون خبر «لا» كثيرًا، فيقولون: «لا مثل زيد» أي: في البلد، وقد يحذفون اسمها ويبقون خبرها يقولون: لا عليك، أي: لا بأس عليك، ومذهب سيبويه أنها واسمها في محل رفع بالابتداء، ولا عمل لها في الخبر إن كان اسمها مفردًا، فإن كان مضافًا أو شبيهًا به فتعمل في الخبر عنده كغيره، ومذهب الأخفش أن اسمها في محل رفع، وهي عاملة في الخبر، والتقدير هنا: (لا ريب فيه، فيه هدى)، فـ «فيه» الأول هو الخبر، وبإضمار العائد على «الكتاب» يتضح المعنى، وردَّ هذا أحمد بن جعفر وقال: لابدَّ من عائد، ويدل على خلاف ذلك قوله تعالى في سورة السجدة: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [السجدة: 2]؛ لأنَّه لا يوقف على «ريب» اتفاقًا؛ لأنهم يشترطون لصحة الوقف، صحة الوقف على نظير ذلك الموضع، وهذا تعسف من جماعة من النحاة أضمروا محلًّا متصلًا به خبر «لا»، واكتفى بالمحل؛ لأنَّ خبر «لا» التبرئة لا يستنكر إضماره في حال نصب الاسم ولا رفعه، نقول: (إن زرتنا فلا براحُ) بالرفع، و «إن زرتنا فلا براح»، بنصبه، وهم يضمرون في كلا الوجهين، وهذا غير بعيد في القياس عندهم ولو ظهر المضمر لقيل: (لا ريب فيه فيهِ هدى)، وهذا صحيح في العربية.
والوقف على {فِيهِ} تام؛ إن رفع «هدى» بالابتداء، خبره محذوف، أو رفع بظرف محذوف غير المذكور تقديره: فيه فيهِ هدى، (وكاف) إن جعل خبر مبتدأ محذوف أي: هو، (وحسن) إن انتصب مصدرًا بفعل محذوف، وليس بوقف إن جعل «هدًى» خبرًا لـ «ذلك الكتاب» أو حالًا منه، أو من الضمير في «فيه» أي: هاديًا، أو من «ذلك»؛ ففي «هدى» ثمانية أوجه الرفع من أربعة، والنصب من أربعة.
لِلْمُتَّقِينَ {(2)} تام؛ إن رفعت «الذين» بالابتداء، وفي خبره قولان أحدهما: «أولئك» الأولى، والثاني: «أولئك» الثانية، والواو زائدة، وهذان القولان منكران؛ لأنَّ و «الذين يؤمنون» يمنع كون «أولئك» الأولى خبرًا، ووجود الواو يمنع كون «أولئك» الثانية خبرًا أيضًا، والأولى تقديره محذوفًا، أي: «هم المذكورون»، (وحسن) إن نصب «الذين» بأعني أو أمدح أو أذكر؛ لأنَّ النصب إنما يكون بإضمار فعل، فنصبه بالفعل المضمر، وهو في النية عند ابتدائك بالمنصوب، فلا يكون فاصلًا بين العامل والمعمول؛ لأنَّك إذا ابتدأت بالمعمول فكأنك مبتدئ بالعامل معه، وتضمره حال ابتدائك بالمعمول،