بمقتضاه، و (يضع به آخرين) وهم: مَن أعرض عنه ولم يحفظ وصاياه. وفيه: «أُعطِيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل السبع المثاني وفضلت بالمفصل» (?). وفيه دلالة على أن القرآن كان مؤلفًا من ذلك الوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد، وفيه دلالة على أن سورة الأنفال سورة مستقلة، وليست من براءة، والسبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. والمئون: ما كان فيه مائة آية أو قريب منها بزيادة يسيرة، أو نقصان يسير.
وعن عليٍّ وابن عباس -رضي الله عنهم- أنهما قالا: ليس من مسلم قرأ القرآن إلَّا وله في بيت مال المسلمين في كل سنة مائتا دينار، فإن أخذها في الدنيا وإلَّا أخذها غدًا بين يدي الله عزَّ وجلَّ. وكان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- لا يفرض من بيت المال إلَّا لمن قرأ القرآن.
اعلم أن الاستعاذة يستحب قطعها من التسمية، ومن أول السورة؛ لأنها ليست من القرآن، وكذا آمين يستحب قطعه من {وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 7]؛ لئلَّا يصل القرآن بما ليس منه.
قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98]، أي: إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ؛ لأن الاستعاذة إنما تكون قبل القراءة، دلت الآية أن الله أمرنا بالاستعاذة عند قراءة القرآن، وليس المعنى: إذا استعذت فاقرأ، ولو كان المعنى كذلك لم تكن الآية تدل على أنَّا أُمرنا بالاستعاذة قبل القراءة، بل كانت تدل على أنَّا أمرنا بالقراءة بعد الاستعاذة، وجائز أن نستعيذ من الشيطان الرجيم، ثم لا نقرأ شيئًا. قال أبو بكر الأنباري: فلو كان كما قال السجستاني: إن الآية من المقدم والمؤخر، أي: إذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم فاقرأ القرآن -لوجب على كل مستعيذ بالله من الشيطان أن يقرأ القرآن، وليس الأمر كذلك.
وأما أول التوبة فمن كان مذهبه التسمية وصل آخر الأنفال بأول التوبة معربًا، ومنهم من وصل