سنين. أخرجه مالك في موطأه، وما نقل عن الصحابة فالنفس إليه أميل مما نقل عن التابعين؛ لأن قول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصًا من دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - كابن عباس، حيث قال له: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (?) قال ابن عباس: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما رأيت جبريل لم يره خلق إلا عمي إلَّا أن يكون نبيًّا، ولكن يكون ذلك في آخر عمرك» (?).
التنبيه الحادي عشر: أول من اقتصر على جمع قراءة السبعة المشهورين أثناء المائة الرابعة أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد (?)، واختلاف القراء اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض؛ فإن هذا محال أن يكون في كلام الله تعالى، وهو إما في اللفظ فقط والمعنى واحد، وإما فيهما مع جواز اجتماعهما في شيء واحد، أو اختلافهما معًا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد؛ فالأول: كالاختلاف في {الصِّرَاطَ}. والثاني: نحو: {مَالِكِ} بالألف، و {مَلِكِ} بغيرها. والثالث: نحو: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} مشددًا ومخففًا، فمعنى المشدد: أن الرسل تيقنوا أن قومهم قد كذبوهم، ومعنى المخفف: أن الرسل توهموا أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به، فالظن في الأولى يقين، وفي الثانية شك، والضمائر الثلاثة للرسل؛ فكل قراءة حق وصدق نزلت من عند الله نقطع بذلك ونؤمن به.
التنبيه الثاني عشر: قد عدَّ أربعة من الصحابة الآي: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وعائشة، ونقله عنهم التابعون.
فمن أهل المدينة: عروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز.
ومن أهل مكة: عطاء بن أبي رباح، وطاوس.
ومن أهل الكوفة: أبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وسعيد بن جبير، والشعبي، وإبراهيم