ونحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ}، ونحو: {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا}، ونحو: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي}، وشبه ذلك من كل ما هو خارج عن حكم الأول من جهة المعنى؛ لأنه سوَّى بالوقف بين حال من آمن ومن كفر، وبين من ضل ومن اهتدى؛ فهذا جليُّ الفساد، ويقع هذا كثيرًا ممن يقرأ تلاوتة؛ لحرصه على النَّفَس فيقف على بعض الكلمة دون بعض، ثم يبني على صوت غيره ويترك ما فاته، ومثل ذلك ما لو بنى كل واحد على قراءة نفسه؛ إذ لابد أن يفوته ما قرأه بعضهم، والسُّنَّة: المدارسة؛ وهو أن يقرأ شخص حزبًا، ويقرأ آخر عين ما قرأه الأول، وهكذا فهذه هي السُّنَّة التي كان يدارس جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في رمضان، فكان جبريل يقرأ أوَّلًا، ثم يقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - عين ما قرأه جبريل، قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي: على لسان جبريل {فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ}.
وأما الأقبح: فلا يخلو إما أن يكون الوقف والابتداء قبيحين، أو يكون الوقف حسنًا، والابتداء قبيحًا؛ فالأول كأن يقف بين القول والمقول، نحو: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، ثم يبتدئ: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}، أو: {وَقَالَتِ النَّصَارَى}، ثم يبتدئ: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}، أو: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، ثم يبتدئ: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}، أو: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا}، ثم يبتدئ: {إِن اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}، وشبه ذلك من كل ما يوهم خلاف ما يعتقده المسلم.
قال أبو العلاء الهمذاني (?): لا يخلو الواقف على تلك الوقوف: إما أن يكون مضطرًا، أو متعمدًا؛ فإن وقف مضطرًا، وابتدأ ما بعده غير متجانف لإثم، ولا معتقد معناه -لم يكن عليه وزر.
وقال شيخ الإسلام (?): عليه وزر إن عرف المعنى؛ لأنَّ الابتداء لا يكون إلَّا اختياريًّا.