من بعض الشهور والليالي والأيام، وهو معنى قوله: " ولا صفر ". فإن التشاؤم بأي نوع من هذا أو غيره محرم شرعاً، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال ابن القيم في قوله: " ولا طيرة " يحتمل أن يكون نفياً أو نهياً، أي لا تطيروا (?)، ولكن قوله في الحديث: " لا عدوى ولا صفر ولا هامة " يدل على أن مراده النفي وإبطال هذه الأمور التي كانت في الجاهلية. قلت: والنفي هنا يتضمن معنى النهي وزيادة لأنه يكون معناه: لا تعتقدوا هذه الاعتقادات الوهمية، لأن هذه الأشياء التي تعتقدونها باطلة لا وجود. لها في الواقع، ولا أساس لها من الصحة، والواجب على العبد المسلم إذا أحسّ بأي انفعال تشاؤمي أو تخيّل وقوع شر بسبب هذه الأشياء الوهمية كنعيق الغراب، أو صوت البوم، أو نبح الكلاب، أن لا يستسلم لذلك الشعور وأن يستعيذ بالله من الشيطان حتى يصرفه عنه ولا يصده ذلك عن العمل الذي يريده كما روي عن معاوية بن الحكم أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ومنا أناس يتطيرون، قال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم (?) فقد أمرهم أن يأتوا الأعمال التي تشاءموا منها، ويفعلوها، ولا يمنعهم هذا الشعور عنها، وأرشدنا - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض الأدعية المأثورة لمكافحة التشاؤم، فقد روي عن عروة بن عامر (?) قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الطيرة، فقال: أصدقها الفأل، وإذا رأيتم من الطير: شيئاً تكرهونه فقولوا: " اللهم لا يأتي بالحسنات إلاّ أنت، ولا يذهب بالسيئات إلاّ أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله " (?)، فإن في هذا الدعاء البلسم الشافي من التشاؤم. ويدخل في التشاؤم، التشاؤم ببعض الأشهر والليالي والأيام، ومن ذلك التشاؤم بيوم الأربعاء وبشهر