ودعيت بِابْن بدران أَنا الهائم فِي إِظْهَار صفاتك الْمُقِيم على محبتك ماكر الجديدان فَقَالَت انك لتعلم هَذَا الْعَصْر الزَّاهِر وَمَا تجلى فِيهِ من الْعُلُوم وَترى مَسْلَك أبنائي وَكَيف يتهافتون على القشر ويتركون اللّبَاب نبذوا الْعلم ظهريا فضمه الغربيون إِلَيْهِم وَإِذا انتبهوا من رقدتهم وجدوا أنفسهم عَالَة عَلَيْهِم فَذكرهمْ بأيامي الْمَاضِيَة علهم يتذكرون وخاطبهم بِمَا كَانَ بِي من الْآثَار وَمَا انفق فِي رياضي على الْعلم من الدِّرْهَم وَالدِّينَار وأعلمهم بِمَا كَانَ بِي من الْمدَارِس وأنبئهم بِتِلْكَ الْمعَاهد الدوارس وَذكرهمْ فان الذكرى تَنْفَع أولي الْأَلْبَاب فلعلهم يَجدونَ ويجتهدون ويتركون التفاخر بالماضي وَقل لشيخهم خل كَانَ ولناشئتهم اترك أَنا ابْن فلَان فان الْمَرْء ابْن تَحْصِيله وشرفه علمه وحكمته
(فمثلك من يدعى لكل عَظِيمَة ... ومثلي من يفدى بِكُل مسود)
فطوينا بعد الْوَعْد بإجابة الطّلب الْأَحَادِيث وَقلت إِن لم يَفِ الْمُحب لمحبوبه بِمَا أَمر اسْتحق الهجر فِي شرع المحبين وطفقت اقلب الطّرف فِي أسفار المؤرخين وأتطلب مَا كَانَ من أَحَادِيث الماضين وأطوف لرؤية الْمعَاهد والْآثَار الَّتِي بقيت فِي تِلْكَ الدَّار مِمَّا نبا عَنهُ سيف الْقدَم وصبر على طُلُوع الشَّمْس وَالْقَمَر فأرسم مَا اهْتَدَى إِلَيْهِ على صفحات هَذَا السّفر الَّذِي هُوَ قسم من الْأَسْفَار الثَّلَاثَة لتاريخ دمشق وخصصته باسم منادمة الأطلال ومسامرة الخيال ليطابق اسْمه مَعْنَاهُ ثمَّ إِنَّنِي سلكت فِيهِ مسلكا وَهُوَ إِنَّنِي إِذا ذكرت مدرسة أَو آثرا مَا احافظ على تَرْجَمَة منشئه وَلَا أتعرض لتراجم المدرسين فِي الْمدَارِس كَمَا فعله الْعَلامَة عبد الْقَادِر النعيمي فِي كِتَابه تحفة الطَّالِب والدارس لَان الْمدرس إِن كَانَ من الْمَشَاهِير فَمحل تَرْجَمته السّفر الثَّالِث من هَذَا التَّارِيخ وان كَانَ من غَيرهم فَلَيْسَ من شَرط كتابي ان اذكره وايضا انني جعلت هَذَا السّفر اقساما
اولها لمدارس الْقُرْآن الْكَرِيم
وَثَانِيها للمدارس المختصة بِالْحَدِيثِ وللمشتركة بَينه وَبَين تَعْلِيم الْقُرْآن الْعَظِيم
وَثَالِثهَا للمدارس الَّتِي اسست للعلوم الْفِقْهِيَّة والادبية وَهَذَا الْقسم اربعة ابواب
اولها لمدارس الْحَنَفِيَّة
وَثَانِيها لمدارس الْمَالِكِيَّة