وإنْ بدت بين أناسٍ مسألهْ ... معروفةٌ في العلمِ أو مُفتعَلهْ

فلا تكن إلى الجوابِ سابقا ... حتى تَرَى غيرَك فيها ناطقا

فكم رأيتُ من عجولٍ سابقِ ... من غير فهمٍ بالخطأ ناطقِ

أزرى بهِ ذلك في المجالسِ ... عند ذوي الألبابِ والتنافسِ

وقُلْ إذا أعياكَ ذاك الأمرُ ... ما لي بما تسأل عنه خُبْرُ

فذاك شطرُ العلمِ عند العلما ... كذاك ما زالتْ تقول الحُكما

والصمت فاعلم بك حقاً أزينُ ... إنْ لم يكن عندك علمٌ متقنُ

إياك والعُجبَ بفضلِ رأيِكا ... واحذر جوابَ القولِ من خطائكا

كم من جوابٍ أعقبَ الندامهْ ... فاغتَنِمِ الصمتَ مع السَّلامهْ

العلم بحرٌ منتهاه يبعدُ ... ليس له أحدٌ إليه يقصدُ

وليس كلُّ العلمِ قد حويتَه ... أجَل ولا العُشر ولو أحصيتَه

وما بَقِي عليكَ منه أكثرُ ... مما علِمتَ والجوادُ يَعْثُرُ

فكُنْ لما سمعتَهُ مستفهِما ... إن أنتَ لم تفهمْ منه الكلِما

القولُ قولانِ: فقولٌ تعقِلُهْ ... وآخرُ تسمعُهُ فتجهَلُهْ

وكلُّ قولٍ فلهُ جوابُ ... يجمعُهُ الباطلُ والصواب

وللكلامِ أولٌ وآخِر ... فافهمهما والذهنُ منك حاضرُ

فربما أَعْيا ذوي الفضائلِ ... جوابُ ما يُلقى من المسائل

فيُمسكوا بالصمتِ عن جوابه ... عند اعتراضِ الشكِّ في صوابه

ولو يكون القولُ في القياسِ ... من فضَّةٍ بيضاءَ عند الناسِ

إذا لكان الصمت من خير الذهب ... فافهم هداك الله آداب الطلبْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015