الذي أكبَّ على التعلم منه بحسب طاقته، وعلى نسبة قبوله للتعليم، مبتدئاً كان أو منتهياً. ولا يخلط مسائل الكتاب بغيرها حتى يعيه من أوله إلى آخره، ويحصِّل أغراضه ويستولي منه على ملكة بها ينفذ في غيره، لأن المتعلم إذا حصّل ملكة ما في علم من العلوم استعد بها لقبول ما بقي، وحصل له نشاط في طلب المزيد والنهوض إلى ما فوق، حتى يستولي على غايات العلم. وإذا خُلِطَ عليه الأمر عجز عن الفهم، وأدركه الكلال، وانطمس فكره ويئس من التحصيل، وهجر العلم والتعليم، والله يهدي من يشاء".

ثم قال: "وكذلك ينبغي لك أن لا تطول على المتعلم في الفن الواحد بتفريق المجالس، وتقطيع ما بينها لأنه ذريعة إلى النسيان، وانقطاع مسائل الفن بعضها من بعض، فيعسر حصول الملكة بتفريقها ... ، ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم أن لا يُخلَط على المتعلم علمان معاً، فإنه قلّ أن يظفر بواحد منهما، لما فيه من تقسيم البال، وانصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهم الآخر فيستغلقان معاً ... وإذا تفرغ الفكر لتعليم ما هو بسبيله مقتصراً عليه، فربما كان ذلك أجد لتحصيله والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب" 1.

4 - يرى الشيخ عبد القادر بن بدران أن الواجب على المعلم إذا أراد إقراء المبتدئين أن يقرئهم متناً مختصراً، ويشرح لهم ذلك المتن بلا زيادة ولا نقصان، بحيث يفهم ما اشتمل عليه، وأن يصور مسائله في ذهنه، ولا يشغله بما زاد على ذلك.

ثم ذكر عن شيخه محمد بن عثمان الحنبلي المعروف بخطيب دوما (ت 1308هـ‍.) أنه قال:

"لا ينبغي لمن يقرأ كتاباً أن يتصور أنه يريد قراءته مرة ثانية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015