عن التدبر والاعتبار، فألسنتهم تروي العلم، وقلوبهم قد خلت من الفهم، غاية أحدهم معرفة الكتب الغريبة، والاسم الغريب، والحديث المنكر. وتجده قد جهل ما لا يكاد يسع أحداً جهلُه من علم صلاته، وحجه، وصيامه، وزكاته. وطائفة هي في الجهل كتلك أو أشد، لم يُعْنَوا بحفظ سُنَّة ولا الوقف على معانيها، ولا بأصل من القرآن ولا اعتنوا بكتاب الله عز وجل، فحفظوا تنزيله، ولا عرفوا ما للعلماء في تأويله، ولا وقفوا على أحكامه، ولا تفقهوا في حلاله وحرامه، قد اطّرحوا علم السنن والآثار، وزهدوا فيها، وأضربوا عنها فلم يعرفوا الاجتماع من الاختلاف، ولا فرقوا بين التنازع والائتلاف، بل عوّلوا على حفظ ما دُوّن لهم من الرأي والاستحسان الذي كان عند العلماء آخر العلم والبيان، وكان الأئمة يبكون على ما سلف وسبق لهم من الفتوى فيه، ويودُّن أن حظهم السلامة فيه ... " اه‍. مختصراً 1.

وعن عبد الله بن وهب عن مالك بن أنس قال:

"إن العلم ليس بكثرة الرواية، إنما العلم نور يجعله الله في القلب" 2.

وقال الخطيب البغدادي:

"العلم هو الفهم والدراية، وليس بالإكثار والتوسع في الرواية" 3.

وقال أيضاً:

"وليجعل حفظه للحديث حفظ رعاية لا حفظ رواية، فإن رواة العلوم كثير، ورعاتها قليل. ورب حاضر كالغائب، وعالم كالجاهل، وحامل للحديث ليس معه منه شيء، إذ كان في اطِّراحه لحكمه بمنزلة الذاهب عن معرفته وعلمه" 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015