وهكذا وبينما كان هؤلاء المنافقون يفركون أيديهم فرحا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيصلى في وكر الجاسوسية "مسجد الضرار"إذا بألسنة اللهب تلتهم هذا الوكر وبعضهم بداخله ففرروا بجلدتهما وتركوه طعمة للنيران.
فقد جاء في كتب المغازي والسير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما كان بوادى ذي أوان "ضواحي المدينة" وهو في طريقه إلى تبوك جاءه أصحاب مسجد الضرار. قال الواقدي: جاءه خمسة نفر منهم: صعتب بن قشير وثعلبة بن أبي حاطب، وخدام بن خالد، وأبو حبيبة بن الأزعر، وعبد الله بن نبتل بن الحارث. فقالوا: يا رسول الله إنا رسل من خلفنا من أصحابنا، إنا قد بنينا مسجدًا لذى القلة والحاجة، والليلة المطيرة، والليلة الشاتية، ونحن نحب أن تأتينا فتصلى بنا فيه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجهز إلى تبوك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني على جناح سفر وحال شغل، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا بكم فيه. فلما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذى أوان راجعا من تبوك أتاه خبره وخبر أهله من السماء وكانوا إنما بينوه، قالوا بينهم، يأتينا أبو عامر (?) فيتحدث عندنا فيه، فإنه يقول: لا أستطيع آتى مسجد بني عمرو بن عوف "يعني مسجد قباء، إنما أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلحظوننا بأبصارهم، يقول الله تعالى: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يعني أبا عامر الفاسق.
وعندما نزل القرآن يوضح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك المسجد المشبوه إنما هو مرصد يترصد فيه المنافقون المسلمون ويتخذونه مقرا لمحاربة الله ورسوله استدعى رجلين من أصحابه - وهما عاصم بن عدي بن العجلان (?) ومالك بن الدخشم السالمى (?) وأصدر إليهما أمره بأن يتوليا تدمير مسجد المنافقين