يركب من قرن المنازل راحلته القصوى وطئت له على يديها، والزمام في يدي مطويّ، فركب على الرّحل وناولته الزمام، ودرت من خلفه فخلف (?) الناقة بالسوط، كل ذلك يصيبنى، فالتفت إليَّ فقال: أصابك السوط؟ قلت نعم بأبي وأمى، قال: فلما نزل الجعرانة إذا ربضة (?) من الغنم ناحية من الغنائم. فسأل عنها صاحب الغنائم فخبره عنها بشيء لا أحفظه، ثم صاح: أين أبو زرعة؟ قال: قلت: ها أنا ذا، قال: خذ هذه الغنم بالذي أصابك من السوط أمس. قال: فعددتها فوجدتها عشرين ومائة رأس. قال: فتأثّلت (?) بها مالًا.
كان سراقة بن جعشم (?) المدلجى فارسًا ممتازا. وعندما أعلنت قريش منح جائزة مالية قدرها مائة ناقة، لمن يأتي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - حيًّا أو ميتًا، وذلك عندما نجح في الإفلات من قبضتهم وهاجر إلى المدينة .. عند ذلك الإِعلان الغاشم ركب سراقة فرسه وأخذ سلاحه (بعد أن علم بالمكان الذي فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - سائرًا نحو المدينة) قاصدًا قتله أو إلقاء القبض عليه ففشل ولم يمكنه الله مما أراد. فأيقين أن الله مانع رسوله من شر قريش. فاعترف للرسول بأنه جاء لاعتقاله أو قتله، ولكن كل ما طلبه من الرسول أن يكتب له أمانًا يبرزه عند اللزوم، فأمر الرسول (يومها) أبا بكر فكتب له ما طلب في كتف بعير. فاحتفظ سراقة بهذه الوثيقة وثيقة الأمان المكتوبة في كتف البعير (?). ومرت السنون وعلا شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى توجت انتصاراته بتغلبه على هوازن في أعظم معركة حربية وهي معركة حنين.