عمر: أمر الله. وجعلت أم الحارث تقول: يا رسول الله، من جاوز بعيرى فاقتله، والله إن رأيت كاليوم ما صنع هؤلاء القوم بنا تعنى بني سليم وأهل مكة الذين انهزموا بالناس (?).
وقد تكلم علماء التشريع الإسلامي عن مسألة فرار المسلمين وانهزامهم يوم حنين وموقفهم من قوله تعالى في تحريم الفرار يوم الزحف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (?). فقد قالوا: إن الإجماع لم ينعقد بين المسلمين على أن الفرار من الزحف من الكبائر إلا يوم بدر. ثم إن الله تعالى غفر للفارين يوم حنين كما تاب على الذين فرا يوم أحد كما جاء ذلك صريحًا في القرآن. قال السهيلى: (إن قيل كيف فر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفرار من الزحف من الكبائر، وقد أنزل الله فيه من الوعيد ما أنزل.؟ قلنا: لم يجمع العلماء على أنه من الكبائر إلا في يوم بدر, كذلك قال الحسن ونافع مولى عبد الله بن عمر، وظاهر القرآن يدل على هذا، فإنه قال تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} فيومئذ، إشارة إلى يوم بدر، ثم نزل، التحقيق من بعد ذلك في الفارِّين يوم أحد، وهو قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} وكذلك في يوم حنين: {وَيَوْمَ حُنَينٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} وفي تفسير ابن سلام: كان الفرار من الزحف يوم بدر من الكبائر، وكذلك يكون في ملحمة الروم الكبرى, وعند الدجال، وأيضًا فإن المنهزمين عنه - عليه السلام - رجعوا لحينهم وقاتلوا معه حتى فتح الله عليهم (?).
وفي يوم حنين وعندما انهزم المسلمون تكلم رجال من زعماء قريش أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم فانفرجت أساريرهم للهزيمة وفاهوا من الحديث بما يدل على