أهل مكة. كما أعلن بعض التشريعات التي يجب العمل بها. وأبطل عادات الجاهلية إلا سدانة البيت وسقاية الحاج. كما حرَّم التعامل بالربا وأسقط الفوائد المترتبة على التعامل سابقًا بالربا والمتبقية لأصحابها. كذلك أعل حرمة مكة المكرمة إلى يوم القيامة .. كذلك أعلن وحدة النوع البشرى أن لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى.
فقد قال - صلى الله عليه وسلم - في خطبته هذه:
الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم خاطب أهل مكة - الذين كانت قلوبهم تركض جزعًا تكاد تقفز من صدورهم خوفًا من أن يحاسبهم ويجازيهم على ما ارتكبوا من جرائم في حقه وفي حق أصحابه أيام قلتهم وضعفهم بمكة - يا معشر قريش، ويا أهل مكة: ما ترون أني فاعل بكم؟ وفي رواية .. ماذا تقولون وماذا تظنون؟ قالوا: نظن خيرًا ونقول خيرًا: أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت. وهنا تجلّى الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - عن أكرم معدن إنسانى عرفته البشرية من لدن آدم. فقد أسقط عن قريش كل عقوبة بإمكانه أن ينزلها بهم ومنحهم عفوًا عامًا شاملًا مطلقًا وبأسلوب حان رقيق أعاد إلى نفوسهم القلقة المضطربة كل طمأنينة واستقرار حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء".
قال الطبري: فأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنْوة وكانوا له فيئًا، فبذلك يُسمَّى أهل مكة الطلقاء (?).