كانت الطرق والمسالك بين مكة والمعسكر الذي يرابط فيه الجيش النبوى مقطوعة تمامًا تحرسها فصائل من البوليس الحامى "الشرطة العسكرية" التابعة للجيش النبوى. فلا تسمح لأحد أن يخرج من مكة أو يدخل إليها. كما لا تسمح لأى إنسان "كائنا من كان" أن يقترب من حدود المعسكر النبوى .. والوحيدون من أهل مكة الذين سمحت لهم الشرطة العسكرية الإِسلامية بدخول المعسكر تلك الليلة هم بديل بن ورقاء سيد خزاعة وحليف المسلمين وحكيم بن حزام ابن أخي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد الأسدية وأبو سفيان بن حرب سيد قريش وزعيمها. كل هؤلاء سمحت لهم الشرطة العسكرية لأنهم كانوا في جوار وتحت ضمانة العباس بن عبد المطلب "وسيط السلام" الذي لعب دورًا هامًا وبذل مجهودًا كبيرًا لاختصار آلام الحرب، بل لإِبعاده كليًّا عن مكة وأهلها وكانت أولى مساعيه الكبرى الناجحة أن نجح في إيصال سيد قريش وصاحب حربها وقائد جيوشها أبي سفيان بن حرب إلى مقر قيادة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - ثم الحصول له من الرسول القائد على أمان خاص حقن به دمه الذي كان كثير من قادة الفيالق والفرق في الجيش النبوى يتوقون إلى سفكه كرأس من رؤوس الكفر.
وكان حصول سيد قريش أبي سفيان على الأمان "في حالة حرب قائمة بين الإِسلام والوثنية" مكسبًا كبيرًا لقريش - التي كانت ترتعد داخل مكة فزعًا - تبعتها مكاسب أعظم. كان آخرها حصول قريش كلها على عفو عام من الرسول القائد المنتصر، أسقط به كل الجرائر التي ارتكبتها قريش خلال إحدى وعشرين سنة ضد الإِسلام والمسلمين. وقد كان هذا