فقد حاول هذا الصحابي (وهو حاطب بن أبي بلتعة (?). كان من البدريين ومن السابقين الأولين في الإسلام. والفرسان المشهورين الذين ثبتوا يوم أحد إلى جانب الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ساعة الانتكاسة) حاول هذا الصحابي أن ينقل إلى قريش (وبطريقة سرية) أنباء اعتزام الرسول - صلى الله عليه وسلم - غزوهم. فعندما علم بطريقه الخاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد بتحركاته المشركين في مكة قاده الضعف البشرى -الذي مصدره العطف على أهله وأقاربه في مكة- إلى ارتكاب الخطيئة الكبرى التي لولا سابقته في الإِسلام وكونه من أهل بدر لأنزل به عقاب شديد هو عقاب الجاسوس الذي قد يصل إلى حد الإعدام -عقوبة الخيانة العظمى-.
فقد ذكر أصحاب الحديث والمغازى والسير، أن حاطب بن أبي بَلتَعة كتب إلى ثلاثة من زعماء المشركين في مكة: صفوان بن أميَّة، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، يخبرهم فيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحشد الجيوش لغزو قريش. وكتب إلى هؤلاء الزعماء المشركين كتابًا جاء فيه: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن في الناس بالغزو، ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن تكون لي عندكم يد بكتابي إليكم" واستأجر -لإيصال كتابه إلى قريش- امرأة يقال لها سارة (?)، وجعل لها دينارًا على أن تبلغ الكتاب إلى سادات مكة، وقال لها: اخفيه ما استطعت، ولا تمرِّي على الطريق فإن عليها محرسًا. فسلكت مسالك مهجورة ليس عليها حرس، عن يسار المحجة في فُلوُق (?) الحر، حتى خرجت إلى الطريق الرئيسى بالعقيق (?). وبذلك لم يفطن لها أحد من حرس الطرق حتى وصلت ذا الحليفة "أبيار