جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيكُمْ كَفِيلًا} (?). {إلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)} (?). {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (?). ولقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدليل العملى على الوفاء بالعهد للمشركين. وحبر صلح الحديبية لما يجف بعد.
فقد رأينا كيف سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا جندل الشاب المسلم إلى أبيه المشرك تنفيذًا لنصوص الاتفاقية رغم أن هذا الشاب المسلم جاء إلى المسلمين فارًا بدينه (?).
كما رأينا كذلك فيما مضى من هذا الكتاب. كيف سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بصير (?) للمشركين وأعاده إليهم بعد أن لجأ إلى المدينة مسلمًا فارًا بدينه. ورأينا كيف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسمح لأبي بصير بالإقامة في المدينة بعد أن تخلص من حارسيه خارج المدينة .. لأن قبوله في المدينة يعتبر خرقًا ونقضًا لصلح الحديبية.
ولكن إذا كان المسلمون قد وفوا للمشركين بالعهد الذي أعطوه وطبَّقوا الاتفاقية نصًّا وروحًا .. هل وفت قريش من جانبها بالعهد الذي أعطته في اتفاقية الحديبية؟ .
وهل احترمت شرف الكلمة التي أعطتها في هذا العهد التاريخي؟ .
كلا لقد رمت بهذا العهد عرض الحائط وغدرت "وهي في ظله" كأبشع ما يكون الغدر. الأمر الذي جعل الصلح لاغيًا .. ألغته ونقضته قريش بتصرفها. واضطر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقوم بغزوها وينتزع مكة من أيديها انتصارًا لحلفائه خزاعة المعتدى عليهم. ووفاءًا بالعهد الذي أعطاه لهم بموجب صلح الحديبية. وتأديبًا لقريش على ما تواطأت عليه مع