الصديق فصحبته، وكانت له عباءة فدكية (?) فإذا ركب خلها (?) عليه بخلال، وإذا نزلنا بسطها. فلما قفلنا قلت: يا أبا بكر رحمك الله علمنى شيئًا ينفعنى الله به. قال قد كنت فاعلا ولو لم تسألنى، لا تشرك بالله، وأقم الصلاة، وآت الزكاة وصم رمضان، وحج البيت، واعتمر، ولا تتأمر (?) على اثنين من المسلمين.
قال: قلت: أما ما أمرتنى به من الصلاة والصوم والحج والزكاة والعمرة فأنا فاعله، وأما الإِمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى وهذه المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعند الناس إلا بها. قال: إنك استنصحتنى فجهدت لك نفسي، إن الناس دخلوا في الإِسلام طوعا وكرها. فأجارهم الله من الظلم، - وهم عواد الله وجيران الله وفي أمانته، فمن أخفر فإنما يخفر الله في جيرانه، وإن شاة أحدكم أو بعيره ليذهب فيظل ناتئا عضله غضبا لجاره، والله من وراء جاره. قال فلما توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر (رضي الله عنه) جئته فقلت: يا أبا بكر، ألم تنهنى أن أتأمر على اثنين؟ قال: بلى، وأنا على ذلك! قال: فما لك تأمرت على أمة محمَّد؟ قال: اختلف الناس وخشيت عليهم الهلاك، ودعوا إلى فلم أجد لذلك بدًا (?).
مما لا جدال فيه والذي أجمع عليه المؤرخون هو أن معركة (مؤتة) من أعنف المعارك - بل هي أعنف معركة خاضها المسلمون في العهد النبوى - فقد التقى فيها ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين بمائتى ألف مقاتل ظلوا يروحونهم ويغادونهم القتال طوال ستة أيام كاملة.