ويسمع كلامه ثعلبة بن سلّام بن أبي الحقيق -وكانوا يقولون: إنه ضعيف العقل مختلط- فقال: يا عيينة أنت غررتهم وخذلتهم وتركتهم وقتال محمد، وقبل ذلك ما صنعت ببنى قريظة (?)! فقال عيينة: إن محمدًا كادنا في أهلنا (أي أوقعنا في مكيدة) فنفرنا إِليهم حين سمعنا الصريخ ونحن نظن أن محمدًا قد خالف إليهم، فلم نرَ شيئًا فكررنا إليكم لننصركم.
قال ثعلبة: ومن بقى تنصره؟ قد قتل من قتل، وبقى من بقى فصار عبدًا لمحمد وسبانا وقبض الأموال!
قال يقول رجل لعيينة: لا أنت نصرت حلفاءك فلم يعدّوا عليك حلفنا! ولا أنت حيث ولّيت .. كنت أخذت تمر خيبر من محمد سنة (?)! والله إني لأرى أمر محمد أمرًا ظاهرًا، ليظهرن على من ناوأه، فانصرف عيينة إلى أهله يفتل يديه، فلما رجع إلى أهله جاءه الحارث بن عوف المرّى، قال: ألم أقل لك إنك توضع في غير شيء؟ ، والله ليظهرن محمد على ما بين الشرق والمغرب، اليهود كانوا يخبروننا هذا، أشهد لسمعت أبا رافع سلّام بن أبي الحقيق يقول: إنّا نحسد محمدًا على النبوة حيث خرجت من بني هارون، وهو (أي محمد) نبي مرسل واليهود لا تطاوعنى على هذا ولنا منه ذبحان، واحد بيثرب وآخر بخيبر، قال الحارث: قلت لسلّام: يملك الأرض جميعًا؟ قال: نعم والتوراة التي أنزلت على موسى، وهنا أحب أن تعلم اليهود بقولى فيه (?).
ذكر المؤرخون جميعهم أن من بقى على قيد الحياة من مقاتلة يهود الشطر الأول من خيبر (النطاة والشق) انهزموا والتحقوا بإخوانهم في الشطر الثاني