"وأودع الله فيها قوى جاذبة تجذب الأجزاء اللطيفة من الطين إلى نفسها1, والحكمة في كل هذه التدبيرات تحصيل ما يحتاج العبيد إليه من الغذاء والإدام والفواكه والأشربة والأدوية، كما قال تعالى: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 25، 26] 2.
المثال الثالث: أنه وضع الأفلاك والكواكب بحيث صارت أسبابًا لحصول مصالح العباد، فخلق الليل ليكون سببًا للراحة والسكون، وخلق النهار ليكون سببًا للمعاش والحركة {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [يونس: 5] {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 97] واقرأ قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} إلى آخر آيات [النبأ: 6، 7] , واعلم أنك إذا تأملت في عجائب أحوال المعادن والنبات والحيوان، وآثار حكمة الرحمن في خلق الإنسان, قضى صريح عقلك بأن أسباب تربية الله كثيرة، ودلائل رحمته لائحة ظاهرة، وعند ذلك يظهر لك قطرة من بحار أسرار قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 3.
ولقد أضاف الله سبحانه الحمد إلى نفسه, فقال تعالى: {الحمد لله} , ثم أضاف نفسه إلى العالمين, والتقدير: "إني أحب الحمد فنسبته إلى