هكذا كانت التربية والتعليم علمًا نما مع تربية الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه, ونضج معه وبه، واهتمَّ به القرآن الكريم اهتمامًا بالغًا في قصصه، ثم ترعرع وأخذ قالب تنظيم وترتيب أكثر في عهد التابعين ومن بعدهم، ثم ألّّف فيه العلماء بشكلٍ مستفيضٍ في نهاية القرن الثاني الهجري, فقد أشار القرآن الكريم إلى طريق الامتحان والاختبار في قصة آدم -عليه السلام؛ حيث أجرى امتحانًا بينه وبين الملائكة, فقال تعالى: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} 2.
وقد أشار هذه الآيات أيضًا إلى أن من سُئِلَ ولم يعلم جوابه بقوله: لا أدري, والله أعلم، قال القرطبي: من سُئِلَ عن شيء لم يعمله, فالواجب عليه أن يقول: الله أعلم، لا أدري, اقتداءً بالملائكة والأنبياء، والفضلاء من العلماء، قال مالك بن أنس: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده "لا أدري", حتى يكون أصلًا في أيديهم، فإذا سُئِلَ أحدهم عَمَّا لا يدري قال: لا أدري، وذكر الهيثم بن جميل قال: شهدت مالك بن أنس سُئِلَ عن ثمانِ وأربعين