يقول الإمام: "فصل: القول في التقديم: هو باب كثير الفوائد، جم المحاسن، واسع التصرف، بعيد الغاية، لا يزال يفتر لك عن بديعه، ويفضى بك إلى لطيفة، ولا تزال ترى شعراً يروقك مسمعه ويلطف لديك موقعه ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ عن مكان إلى مكان: وأعلم أن تقديم الشيء على وجهين تقديم يقال أنه على نية التأخير وذلك في كل شيء أقررته مع التقديم على حكمه الذي كان عليه وفي جنسه الذي كان فيه كخبر المبتدأ، غذا قدمته على المبتدأ، والمفعول، إذا قدمته على الفاعل كقولك "منطلق زيد" و" ضرب عمراً زيد" معلوم أن (منطلق) و (عمراً) لم، يخرجا بالتقديم عما كان عليه من كون هذا خبر مبتدأ ومرفوعاً بذلك، وكون ذلك مفعولاً ومنصوباً من أجله كما يكون إذا أخرت.

وتقديم لا على نية التأخير: ولكن على أن تنقل الشيء من حكم إلى حكم، وتجعله باباً غير بابه وإعراباً غير إعرابه، وذلك أن تجيء إلى اسمين يحتمل كل واحد منها أن يكون مبتدأ ويكون الآخر خبراً له فتقدم تارة هذا على ذاك وأخرى ذاك على هذا: ومثاله: ما تصنعه (بزيد) و (المنطلق) حيث تقول مرة: "زيد المنطلق) وأخرى: (المنطلق زيد) فأنت في هذا لم تقدم المنطلق على أن يكون متروكاً على حكمه الذي كان عليه مع التأخير، فيكون خبر مبتدأ - كما كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015