والسبب: أنهم لو جعلوا أوصافاً للمعاني لما فهم أنها صفات للمعاني الأول المفهومة أعنى الزيادات، والكيفيات، والخصوصيات، فجعلوا كالمواضعة فيها بينهم (?) - أن يقولوا: اللفظ، وهم يريدون الصورة التي حدثت في المعنى والخاصية التي تجددت فيه، وقولنا: صورة تمثيل وقياس لما ندركه بعقولنا على ما ندركه بأبصارنا فكما أن تبين إنسان من إنسان يكون بخصوصية توجد في هذا دون ذلك يوجد بين المعنى في بيت وبينه في بيت آخر فرق، فعبرنا عن ذلك بأن قلنا: للمعنى في هذا صورة غير صورته في ذلك، وليس هذا من مبدعاتنا، بل هو مشهور في كلامهم وكفاك قول الجاحظ: وإنما الشعر صياغة وضرب من التصوير ومن النقاد المحدثين (?) من جاري الخطيب القزويني في زعمه من أن في رأي عبد القاهر الجرجاني تناقضاً حول اللفظ والمعنى ولم يفطن إلى ما فطن إليه سعد الدين التفتازاني مما أوردناه لك آنفاً، فمضى يقول: "وقد فطن الخطيب القزويني إلى هذا التناقض في رأي عبد القاهر" ثم يقول: "والعقل عند عبد القاهر هو كل شيء، وهذا العقل هو الذي يصطنع الفكرة وينظمها وينسقها وبعد أن تأخذ الفكرة مكانها من العقل مرتبة منسقة تهبط على القلم كتابة وعلى اللسان شعراً وخطابة.