أخرى أن فضيلة الكلام للفظه لا لمعناه - تناقضاً، فحاول التوفيق بين هذين القولين، بأنه أراد بالفصاحة معنى البلاغة -كما صرح به - وحيث أثبت أنها من صفات الألفاظ أراد أنها من صفاتها باعتبار أفادتها المعاني عند التركي، وحيث نفى ذلك: أراد أنها ليست من صفات الألفاظ المجرورة والكلم المجردة من غير اعتبار التركيب.
ولكن سعد الدين التفتازاني - وقد فهم ما قاله عبد القاهر في الدلائل حتى فهمه - يرد على الخطيب قائلاً: فكأنه لم يتصفح دلائل الإعجاز حق التصفح ليطع على ما هو مقصود الشيخ، فإن محصول كلامه فيه هو: أن الفصاحة تطلق على معنيين: احدهما: ما مر في صدور المقدمة، ولا نزاع في رجوعها إلى نفس اللفظ، والثاني، وصف في الكلام يقع به التفاضل ويثبت به الإعجاز، وعليه يطلق البلاغة والبراعة والبيان، وما شاكل ذلك ولا نزاع - أيضاً - في أن الموصوف بها عرفاً هو اللفظ، إذ يقال: لفظ "فصيح ولا يقال معنى فصيح، وإنما النزاع في أن منشأ هذه الفضيلة ومحلها هو اللفظ أالمعنى؟ والشيخ ينكر على كلا الفريقين ويقول: أن الكلام الذي يدق فيه النظر ويقع به التفاضل هو الذي يدل بلفظه على معناه اللغوي، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية على المعنى المقصود فهناك ألفاظ ومعان أول، ومعان ثان: فالشيخ يطلق على المعاني الأول، بل على ترتيبها في النفس، ثم على ترتيب الألفاظ في النطق على حذوها اسم: النظم، والصورة والخواص، والمزايا، والكيفيات