الموسم. فسُرَّ التاجرُ وحملها إليه، فلما جنَّه الليل قال: ما صنعت بابن أبي رواد؟ شيخ كبير وأنا كبير، ما أدري ما يحدث لنا، فلا يعرف له ولدي ما أعرف له، لئن أصبحت لآتيته فأشاوره وأجعله منها في حل، فلما أصبح أتاه فأخبره فقال: اللهم أعطه أفضل ما نوى. ودعا له وقال: إن كنت إنما تشاورني، فإنما استقرضناه على الله، فكلما اغتممنا به كفر الله به عنا، فإذا جعلتنا في حل كأنه يسقط.
وكره التاجر أن يخالفه؛ فما أتى الموسم حتى مات التاجر، فأتى أولاده فقالوا: مال أبينا يا أبا عبد الرحمن. فقال لهم: لم يتهيأ؛ ولكن الميعاد بيننا الموسم الآتي. فقاموا من عنده، فلما كان الموسم الآتي لم يتهيأ المال فقالوا: إيش أهون عليك من الخشوع وتذهب بأموال الناس. فرفع رأسه فقال: رحم الله أباكم؛ قد كان خاف هذا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي، وإلا فأنتم في حل مما قلتم. فبينا هو ذات يوم خلف المقام إذ ورد عليه غلام كان قد هرب له إلى الهند بعشرة آلاف درهم، فأخبره أنه اتَّجر وأن معه من التجارة ما لا يُحصى، قال سفيان: فسمعته يقول: لك الحمد، سألناك خمسة آلاف، فبعثت إلينا عشرة آلاف يا عبد المجيد، احمل العشرة آلاف إليهم؛ خمسة لهم وخمسة للإخاء الذي بيننا وبين