إلى بلد الزبداني، فركب معي ذات مرة رجل، فمررنا على طريق مسلوكة فقال لي: خذ في هذه؛ فإنها أقرب. فقلت: لا خبرة لي بها. فقال: بل هي أقرب. فسلكناها إلى مكان وعر وواد عميق وفيه قتلى كثيرة، فقال لي أمسك رأس البغل حتى أنزل. فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه وسلَّ سكينًا معه وقصدني، ففررتُ من بين يديه وتبعني، فناشدته الله رجاء أن يأخذ البغل بما عليه فقال: هو لي؛ وإنما أريد قتلك. فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل، فاستسلمت بين يديه وقلت: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين. فقال: عجل. فقمت أصلي فارتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفًا متحيرًا وهو يقول: هيه افرغ. فأجرى الله على لساني قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]. فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده فخر صريعًا فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت؟ قال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. قال: فأخذت البغل والحمل ورجعت سالمًا (?).
* * *