أسهرو الأعين العلية حبا ... فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شغلهم عبادة الله حتى ... حسب أن فيهم جنونا (?)
* * *
قال محمد بن المنكدر - رحمه الله - إني لليلة مواجه هذا المنبر في جوف الليل أدعو، إذا إنسان الأسطوانة مقنعًا رأسه فأسمعه يقول: أي رب إن القحط قد اشتد على عبادك، وإني مقسم عليك يا رب إلا سقيتهم قال: فما كان إلا ساعة، فإذا سحابةٌ قد أقبلت، ثم أرسلها الله. وكان عزيزًا على ابن المنكدر أن يخفى عليه أحدٌ من أهل الخير، فقال: هذا بالمدينة ولا أعرفه!! فلما سلم الإمام تقنع، وانصرف، وأتبعته، ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس، فدخل موضعًا ففتح ودخل. قال: ورجعت فلما سبحت أتيت، فقلت: أدخل؟ قال: أدخل، فإذا هو يُنجِّر أقداحًا، فقلت: كيف أصبحت - أصلحك الله -؟ قال: فاستشهرها وأعظمها مني، فلما رأيت
ذلك قلت: إني سمعت إقسامك البارحة على الله، يا أخي هل لك من نفقة تغنيك عن هذا أو تفرغك لما تريد هذه الآخرة (?)؟ قال: لا، ولكن غير ذلك لا تذكرني لأحد، ولا تذكر لأحد حتى أموت، ولا تأتني يا بن المنكدر، فإنك إن تأتني شهرتني للناس، فقلت: إني أحب أن ألقاك، قال القني في المسجد. قال: وكان فارسيًا فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل. قال ابن وهب: بلغني أنه انتقل من تلك من الدار