الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} [القصص: 57].
وهذا من لطفه - تعالى - وكرمه، ورحمته وبركته، أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة، وهي تجبي إليها ثمرات ما حولها، استجابة لدعاء الخليل - عليه السلام - (?).
فاستجاب الله - جل وعلا - لخليله إبراهيم - عليه السلام - وهو في مواضع كثيرة مطولة، وهكذا جميع الأنبياء فإن دعاءهم مستجاب؛ لأنهم حققوا أسباب استجابة الدعاء، ولذلك قال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] قال ابن كثير في تفسيره: «أي أنه يستجيب لمن دعاه».
* * *
فقد يعقوب - عليه السلام - ابنه يوسف - عليه السلام - وحزن عليه حزنًا عظيمًا كما قال تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84]. ثم فقد أخاه لما وضع في رحله صواع الملك بتدبير من يوسف - عليه السلام - فرجعوا إلى أبيهم وأخبروه، فقال يعقوب - عليه السلام -: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ
يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا